الخضروات يساوي خمسة ريال، فهذا لو أبقاه لمدة سنة لفسد فنقول: عرفه تمامًا ثم بعه واحتفظ بقيمته، ثم ابحث عن صاحبه لمدة سنة، فإن جاء صاحبه وإلا فهو لك، القسم الثالث: الحيوان، وهو ينقسم إلى قسمين: بل إن شئت فقل إلى ثلاثة.
القسم الأول: حيوان أعلم أنه مُسيب متروك فهذا لمن وجده كشاة هزيلة لا تستطيع المشى أعرف أن صاحبها بمقتضى العادة قد تركها زهدا عنها، فهذه تكون لمن وجدها لأن صاحبها لا يريدها، كما في حديث جابر قال: أردت أن أسيبه.
القسم الثاني: ما لا يعلم أنه مُسيّب ولكنه يمتنع من صغار السباع مثل الإبل، فهذا لا يجوز التعرض له يُترك كما سيأتي.
القسم الثالث: ما لا يعلم أنه تركه رغبة عنه، ولكنه لا يمتنع من صغار السباع، مثل الغنم، فهذا أيضا سيأتي حكمه وبيانه إن شاء الله.
٨٩٩ - عن أنس (رضي الله عنه) قال: «مَرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بتمرة في الطريق، فقال: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها». متفق عليه.
أي طريق هذا؟ طريق من طرق المدينة، والمدينة تجبى إليها زكاة التمور، فمر النبى (صلى الله عليه وسلم) بتمرة في الطريق فأراد أن يأخذها ليأكلها، فقال ... إلخ، الصدقة يعني: الصدقة الواجبة؛ لأن هذا هو المعروف فيما يُجبى من التمر أنه يُجبى الشيء الواجب، وقوله:«لأكلتها»، لأنها مباحة لا تتبعها همة أوساط الناس ولا يهتمون فيأكلها، لأنها لمن وجدها، وإنما قال: لولا أن أخاف أن تكون من الصدقة، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) يحرم عليه أكل الصدقة الواجبة والمستحبة أيضا، وأما آل النبي (صلى الله عليه وسلم) فإنها لا تحرم عليهم صدقة التطوع على القول الراجح، وإنما يحرم عليهم الصدقة الواجبة.
في هذا الحديث: دليل على أن من وجد شيئا ليس له أهمية عند الناس فهو له، وجه الدلالة أنه قال:«لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها»، والمانع هذا لا يتأتى في كل أحد، فدل ذلك على أن وجودها سبب لتملكها إلا أن يوجد مانع. ومن فوائد الحديث: شدة ورع النبي (صلى الله عليه وسلم)، لأنه خاف أن تكون من الصدقة فلم يأكلها.