شك أن غيبة الكافر ليست كغيبة المسلم وحرمة الكافر ليست كحرمة المسلم، لكن متى كانت غيبته ظلماً فهو داخل في الأول أي: تحريم الظلم ووجه ذلك أن دلالة الحديث الأول بالمنطوق ودلالة هذا بالمفهوم، والمعروف عند العلماء في أصول الفقه أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
ومن فوائد الحديث: أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره ولو كان غيره لا يكره، هل نعتبر العرف العام أو الخاص؟ الخاص مادام الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"ذكرك أخاك بما يكره"، بعض الناس يقول العجوز أبي عجوز أنا أقول هذا تناقض قل: وأمي عجوز وأبي شيخ {وأبونا شيخٌ كبيرٌ}[القصص: ٢٣]. وقال:{ياويلتي ءألد وأنا عجوزٌ}[هود: ٧٢]. إذا كان يكره أن تقول له: يا عجوز لا تقل له حتى إذا كان الناس متعارفين بينهم بإطلاق العجوز وهو يكره فلا تغتابه بهذا، ذكرك أخاك بما يكره.
إن قال قائل: نجد في علماء الحديث من يسمى الأعرج والأعمى والأحول وما أشبه ذلك وهذه يكرهونها؟ نقول: الجواب أن هذا من باب التعريف الذي لا تمكن معرفة المذكور إلا به فإذا كان من باب التعريف الذي لا يمكن معرفة المذكور إلا به صارت هذه المصلحة راجحة على مفسدة الغيبة على أن الذي يقول ذلك لا يقصد غيبه وإنما يقصد التعريف به والنية لها آثر في ذلك.
ومن فوائد الحديث: سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم للمناقشة، تؤخذ من قول الصحابة "أفرأيت إن كان في أخي ما أقول" وهذا من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتحمل المناقشة لأن المناقشة في الحقيقة تزول بها إشكالات كثيرة، لكن إذا علمت أن المناقش متعنت فهل تستمر معه؟ لا إذا عرفت أنه متعنت فامنعه؛ لأن الله قال للرسول صلى الله عليه وسلم في الذين يستفتونه من أهل الكتاب متعنتين قال:{فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}[المائدة: ٤٢].
ومن فوائد الحديث: أن الغيبة محرمة ولو كان في المغتاب -وأريد اسم المفعول- ما يذكره المغتاب- وأريد اسم الفاعل- لأن كلمة المغتاب تصلح لهذا ولهذا فلابد من أن تبين مثل المختار تصلح لهذا وهذا، كيف نقدر المغتاب إذا كانت اسم فاعل؟ نقول المغتيب والمختار إذا كانت اسم مفعول المغتيب وفي المختار المختير هذا هو الأصل، لكن اللغة العربية تأبى عليك هذا نقول: إذا تحركت الياء وانفتح ما قبلها أقبلها ألفاً المختير قل: المختار، المختير قل المختار، أقول: إذا كان في المغتاب اسم مفعول ما قاله المغتاب اسم فاعل فهل تكون غيبة؟ نعم تكون غيبة، وإذا لم يكن فيه ما يقوله يكون بهتاناً.