للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأنه قال: أنتم أصحابي وإخواني أيضاً لكن الذين آمنوا بي ولم يروني هم إخواني وليسوا بأصحابي، هنا فقد بهته لأن البهت أعظم من الغيبة، فيكون المعنى فقد بهته مع الغيبة.

من فوائد هذا الحديث: أولاً حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يلقي المسائل الخبرية بصيغة الاستفهام من أجل استرعاء الانتباه يؤخذ من قوله: "أتدرون" وهذا من حسن التعليم أن يلقي الإنسان الكلام على وجه يسترعي الانتباه.

ومن فوائد الحديث: حسن أدب الصحابة رضي الله عنهم حيث قالوا: الله ورسوله أعلم، وهذا واجب على كل من لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم، يجب وجوباً؛ لأنه لو اقتحم وأجاب بشيء لا يعلمه صار من القائلين على الله بلا علم، ولهذا قال العلماء: من العلم أن يقول الإنسان: لا أعلم فيما لا يعلم.

ومن فوائد الحديث: جواز التشريك بالواو بين الله ورسوله فيما كان من الأمور الشرعية بخلاف القدر؛ لأن الربوبية لا دخل للإنسان فيها، ولذلك كان الناس باعتبار عبودية الربوبية كانوا كلهم سواء الكافر والمؤمن باعتبار عبودية الربوبية التي نسميها: العبودية الكونية.

فإن قال قائل: هل تعدون ذلك إلى أن يقول الناس: الله والعالم الفلاني أعلم؟

الجواب لا؛ لأن هذا العالم ليس مشرعاً، الرسول صلى الله عليه وسلم يشرع ويقول عن الله والعالم ليس بمعصوم، ولهذا لا يجوز إذا سألك سائل عن مسألة دينية أن تقول: الله والشيخ أعلم لا يجوز؛ لأن الشيخ غير مشرع بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإن قال قائل: وهل نقول: مثل هذه العبارة بعد موت الرسول؟

نقول: مادام الأمر شرعياً فالله ورسوله ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ميتاً أعلم منا بلا شك، وإن كان الآن لا يمكن أن نعرف ما عند الرسول لكن هو أعلم منا بشريعة الله بلا شك.

ومن فوائد الحديث: مراعاة الاختصار في الكلام؛ حيث حصر المبتدأ؛ لأن الاختصار أقرب إلى الحفظ والجمل المختصرة تشتمل على معان كثيرة يكون لها رونقاً في النفس وبقاء في النفس.

ومن فوائد الحديث: الاستعطاف يعني: استعمال الاستعطاف في الكلام لقوله: "أخاك لأنك" إذا شعرت بأنه أخاك فلن تغتابه، فهذه من الأساليب الاستعطافية انظر إلى قوله -تبارك وتعالى-: {والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى} [النجم: ١، ٢]. يعني: الذي تعرفونه فهذه من الأساليب التي تستعطف المخاطب حتى يستقيم.

ومن فوائد الحديث: جواز غيبة الكافر لقوله: "ذكرك أخاك" لكننا إذا قلنا بهذا صار معارضاً لما قررناه في الحديث الأول "وجعلته -أي الظلم- بينكم محرماً فلا تظالموا" نقول لا

<<  <  ج: ص:  >  >>