للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك الشرط وجعله شرطًا صحيحًا، فهذه المطلقات كالذي سبق في النهي عن شرطين في بيع وعن بيع وشرط، هذه المطلقات يجب أن تُحمل عل الصور التي فيها مانع شرعي لا على إطلاقها.

من فوائد الحديث: جواز السلف لقوله: "لا يحل سلف وبيع"؛ لأن المنهي عنه الجمع، وما نهي عن جمعه دل على جواز إفراده، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان النهي يرد عنه مطلقًا.

ثانيًا: جواز البيع مثل السلف.

ثالثًا: تحريم الجمع بين البيع والسلف لقوله: "لا يحل سلف وبيع"، وهذا إن كان مشروطًا فلا شك في أنه حرام، لأن الغالب أنه يتضمن ربًا، فإن الغالب أن المسلف إذا اشترط البيع أو الشراء منه لابد أن يكون هناك فائدة له، وكل شرط جر نفعًا للمقرض فهو حرام ربًا، فإن وقع عن غير شرط بأن باع عليه شيئًا ثم قال المشتري: أريد أن تسلفني-تُقرضني-هذا الثمن الذي ثبت لك علي يعني: يسلمه الثمن وانتهى البيع، ثم قال: سلفني إياه، هذا جائز، أو رجل باع على شخص آخر بيته بعشرة آلاف ريال، ثم قال: أريد أن تقرضني عشرة أخرى، لأنني محتاج إلى عشرين ألفًا، فهذا جائز إذا وقع بدون شرط لا شرط ولا اتفاق مسبق فإنه جائز لا بأس به.

ومن فوائد الحديث: تحريم كل شرطين إذا اجتمعا لزم منهما محظور، لقوله: "ولا شرطان في بيع، أما إذا لم يلزم منهما محظور فلا بأس بذلك، مثل أن يشتري الحطب على بائعه أن يحمله إلى بيته ويدخله في البيت ويكسره، هذه ثلاثة شروط لكنها كلها جائزة، لأنها لا تضمن محظورًا شرعيًا.

ومن فوائد الحديث: تحريم الربح فيما لم يدخل في ضمان رابح، والعلة في ذلك الغرر أحيانًا وإثارة الأحقاد أحيانًا، فإنني إذا بعت شيئُا لم يدخل في ضماني بقبضه وربحت فيه فإن البائع الذي باع علي سوف يكون في نفسه شيء، يقول: هذا غرني غلبني، وإذا لم يسيء الظن بالمشتري فإنه ربما يحقد عليه.

ومن فوائد الحديث أيضًا: تحريم بيع ما ليس عند الإنسان بالصور الأربعة التي ذكرناها كل شيء ليس عندك لا تبعه، لماذا؟ لأنه يؤدي إلى الخصومات والنزاعات، فإنك إذا بعت ثم عجزت أن تسلمه صار بينك وبين المشتري نزاع طويل وحصل بذلك عداوة وبغضاء وشحناء، ثم إن الغالب أن الإنسان لا يتعجل فيبيع ما ليس عنده إلا بأرباح، فيكون التقى فيه المعنيان: الربح فيما لم يضمن، والثاني: بيع ما ليس عندك.

ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى تحريم كل غرر، لأن بيع ما ليس عندك غرر قد يحصل وقد لا يحصل وهو كذلك، فإن الشريعة جاءت بتحريم كل ما فيه غرر؛ لأن هذا يؤدي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>