"شرطان في بيع" العلة في ذلك انه يؤدي إلى التنازع والفوضى، أو الربا إن تضمن الوقوع في الربا بواسطة الشرطين:"بيع ما لم يضمن" كذلك يؤدي إلى النزاع وعدم التمكين من التسليم، وربما يؤدي إلى الحسد والبغضاء إذا رآك البائع قد ربحت ولم يدخل في ضمانك بل هو في ضمانه، وربما يكون في قلبه حسد والحسد كالتار إذا ولعت أحرقت ما ولعت به إذا صار في قلبك حسد ولو على مسألة صغيرة فإن هذا - والعياذ بالله- ينمو، قد تحسد إنسان في بيع من البيوع يتطور هذا إلى أن تحسده في كل شيء، تحسده على عافيته، على صحته، على أولاده، على أهله، على بيته، على علمه، على ماله، فالمهم أن هذا لما كان يؤدي إلى العداوة والبغضاء وعدم التمكين من التسليم والحسد منعه الشرع.
"بيع ما ليس عندك" معناه ظاهر، لأنه يتضمن الغرر والجهالة، وكل شيء يتضمن الغرر والجهالة فإنه ميسر الذي يريد به الشيطان أن يوقع بيننا العداوة والبغضاء كما قال تعالى:{إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون}[المائدة: ٩١]. ونأخذ من عموم العلة هذا أن الشرع يريد منا الاتزان في البيع والشراء حتى نبيع بيعًا هادئًا ليس فيه جشع ولا طمع ولا عداوة ولا بغضاء، وهذا لا شك أنه من محاسن الشريعة، الموصوف، مثل أن أبيع عليك مائة صاع بُرّ صفته كذا وكذا بمائة ريال هذا لا بأس به، وهذا لا يكون من بيع ما ليس عندي إنما هو من بيع شيء موصوف في الذمة لم تعينه، المعين أن نقول مثلًا: الجمل الفلاني، الطير الفلاني، ملكي الذي غصبه فلان هذا معين، أما الموصوف فلا، لأن الموصوف يثبت في الذمة، ودليل ذلك السلم كان الصحابة-رضي الله عنهم-يسلفون في الثمار السنة والسنتين يأتي إلى الفلاح ويقول: أريد أن تبيع علي تمرًا مائة صاع كل صاع بدرهمين، صفة الثمر كذا وكذا، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"، لم يقل: فلا يسلف، فهذا هو الفرق بين العمين وبين الموصوف في الذمة، أيضًا في شيء موصوف معين، كما لو بعت عليك سيارتي التي عندي في الجراج صفتها كذا وكذا هذا معين موصوف ومعين يقول: ماذا ترى لو بعت عليك هذه السيارة تشاهدها، فالمعين موصوف ومعين مشاهد مرئي، والثالث: موصوف لا مرئي ولا معين، موصوف في الذمة فيتعلق بالذمة.
أيضًا نقول في:"نهى عن بيع وشرط" المراد به: الشرط الذي يتضمن محظورًا شرعيًا كقضية بربرة، اشترط أهلها أن يكون الولاء لهم مع أن الولاء للمعتق وليس المراد: النهي عن كل بيع يتضمن شرطًا، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر جمله واشترط جابر أن يحمله إلى المدينة