الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب} [الحج: ١٨]. كلها تسجد لله عز وجل تعبداً له {تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن وإن من شيءٍ} يعني: ما من شيء {إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}[الإسراء: ٤٤]. كل الخلق عباد لله عز وجل، لكنه يخاطب من هو مكلف ومن تحمل الأمانة وهو الإنسان وكذلك الجن هم مخاطبون بالشريعة كالإنس.
ومن فوائد الحديث: أن الظلم في حق الله تعالى ممكن لكن الكمال عدله حرمه على نفسه وجهه أنه قال: إني حرمت الظلم على نفسي ولو كان من الأمور المستحيلة لم يتمدح الله به أن حرمه على نفسه وهذه مسألة مهمة يجب أن نعرف الفرق بين هذا وبين ما قالته الجهمية من أن الله -سبحانه وتعالى- لا يمكن أن يظلم، الظلم عنده المحال لذاته نحن نقول: بإمكان الله تعالى أن يهدر حسنة عملها الإنسان ولا يثيبه عليها وبإمكانه أن يضع عليه وزراً دون أن يعمل سيئة، هذا ممكن لكن لكمال عدله صار ممتنعاً عليه عز وجل، لأنه كامل العدل، أرأيت مثلاً عليه -والله المثل الأعلى- رجل ملك يأخذ من أموال الناس ظلماً بغير حق ثم من الله عليه بالتوبة فترك ذلك يحمد أو لا يحمد؟
يحمد، الرب عز وجل يحمد حيث حرم الظلم على نفسه ولو كان غير ممكن ما كان هناك حمد وثناء على الله تعالى بذلك.
ومن فوائد الحديث: أن لله تعالى أن يحرم على نفسه ما شاء، أما نحن فلا نحرم على الله فإن قال قائل: هل أنتم تجيزون الظلم على الله عز وجل أو تمنعونه؟
قلنا: نمنعه بمقتضى الرحمة والحكمة لكن نظراً إلى أننا نمنعه بمقتضى صفاته التي اتصف بها أما من حيث العموم فإنه لا شك أنه يمكنه أن يظلم لكنه حرمه على نفسه لكمال عدله وحكمته ورحمته.
ومن فوائد الحديث: إثبات النفس لله عز وجل وهذا ثابت لله أثبته هو عز وجل فقال تعالى: {ويحذركم الله نفسه} وكذلك أنبياؤه أثبتت ذلك فقال عيسى -عليه الصلاة والسلام-: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}[المائدة: ١١٦]. وهنا وصف الله نفسه بذلك فقال:"حرمت الظلم على نفسي" فهل النفس شيء زائد على الذات أو هي الذات؟
الجواب: هي الذات، "على نفسي" أي: علي "يحذركم الله نفسه" أي: يحذركم الله ذاته، "تعلم ما في نفسي" أي: ما في ذاتي "ولا أعلم ما في نفسك" وليس هو صفة زائدة على الذات بل هو بمعنى الذات تماماً وهذا هو مقتضى اللغة العربية ولا يمنعه الشرع.
ومن فوائد الحديث: تحريم التظالم بين الناس؛ لقوله:"وجعلته بينكم محرماً".