للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يكفن أعلى البدن وأسفله، يكفن بإذخر أو أوراق شجر أو ما أشبه ذلك، ما هو الدليل؟ حديث مصعب بن عمير رضي الله عنه فإنه استشهد في أحد وليس له إلا بردة إن غطّوا بها رأسه بدت رجلاه وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطوا رأسه، وأن يجعلوا على رجليه شيئًا من الإذخر، يعني: يوضع على الرجلين ثم يربط بحبل لأجل ألا ينتشر، فإن لم يوجد شيء إطلاقًا لا وجدنا ثوبًا ولا إذخرًا ولا شجرًا، فقال بعض العلماء: إنه يطيَّن كيف ذلك؟ يعني: يؤتى بطين ويوضع على جسده، ولكن هذا فيما يظهر ليس بواجب؛ لأن هذا من باب التكلف والتعمق، ثم إن فيه تلويثًا للميت، والمشروع أن يطهر ويغسل وإن كان الإنسان خلق من الطين، لكن هذا يعتبر تلويثًا له، فالصحيح أنه إذا لم يوجد شيء فإنه يدفن على ما هو عليه، وسوف يبعث يوم القيامة عاريًا وإن كفن.

فإن قلت: كيف يتصور ألا يوجد شيئًا؟

الجواب: يتصور بأن يعرض للرجل قطاع الطريق ويسلبونه ثيابه ومتاعه ولا يبقون عليه شيئًا، وهذا واقع في زمن سبق، فقد ذكروا لنا قصة أن جماعة من الذين يذهبون يأتون بالعلف- وهو الحشيش- اعترض لهم قطاع طريق فسلبوا ما معهم حتى الثياب، وجاءوا عراة إلى البلد، لكنهم لما قاربوا البلد جلسوا وأرسلوا واحدًا منهم في الليل وأتى لهم بثياب من أهلهم، فمثل هؤلاء إذا مات منهم ميت وليس حولهم شجر ولا شيء يغطون به الميت فإنه يدفن عاريًا، وأيضًا يستثنى المجاهد في سبيل الله إذا قتل فإنه يدفن في ثيابه مثل المحرم.

٥٢٠ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((لمَّا توفِّي عبد الله بن أبيٍّ جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أعطني قميصك أكفِّنه فيه، فأعطاه إيَّاه)). متَّفقٌ عليه.

قوله: ((لمَّا توفي)) كما قال الله تعالى: {- قل يتوفَّكم ملك الموت} [السجدة: ١١]. وقال: {حتَّى إذا جاء أحدكم الموت توفَّته رسلنا} [الأنعام: ٦]. فهو متوفَّى وليس متوف، ولكن لو أن أحدًا قال: إنه متَّوف بمعنى: أنه متوف أجله وحياته كالذي استوفى حقه من مدينه لكان له وجه، لكن هذا يتوقف على وروده في اللغة العربية.

قال: ((لما توفي عبد الله بن أبي)) - للفائدة- يقال: عبد الله بن أبي بن سلول، وسلول أمه، فكيف ننطق بأبي وكيف ننطق بابن سلول؟ هل نقول: عبد الله بن أبي بن سلول، أو عبد الله بن أبي بن

<<  <  ج: ص:  >  >>