للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلول؟ الأخير، فنقول: عبد الله بن أبي بالتنوين، ابن سلول بالرفع، بخلاف ما لو قلنا: ((عبد الله بن محمد بن علي)) إذا كان ((علي)) هو الجد نقول: عبد الله بن محمد بن علي، ولا ننون محمدًا ونكسر ابن، أما عبد الله بن أبيٍّ فإننا ننون أبيًّا ونجعل ابن الثانية تابعة للاسم الأول، وهناك فرق ثالث وهو أننا نضع ألف ابن في ((ابن سلول)) بخلاف ما لو كان هو الجد فإننا لا نضع ألفًا لابن. ومنه ذلك ((عبد الله بن مالكٍ ابن بحينة))؛ لأن بحينة هذه ليست جده، بل هي أم عبد الله، عبد الله بن أبي هذا- والعياذ بالله- رأس المنافقين وهو مشهور بنفاقه، وله ابن اسمه عبد الله من خيار المؤمنين، وكان عبد الله بن أبي الخبيث يتظاهر بالإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين معاملة المسلمين أخذًا بظواهرهم؛ لأن الواجب علينا نحن أن نعامل الناس بالظواهر؛ لأن البواطن إلى الله- سبحانه وتعالى-، فكما أننا نحن ملزمون بأن نعامل الناس بالظواهر، فكذلك الحكم على الناس في الدنيا بالظواهر، أما في الآخرة فالحكم بما في البواطن لقول الله تعالى: {يوم تبلى السرآئر (٩) فما له من قوةٍ ولا ناصرٍ} [الطارق: ٩، ١٠]. {- أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور (٩) وحصل ما في الصُّدور} [العاديات: ٩، ١٠]. عبد الله بن أبي ابن سلول لما مات جاء ابنه عبد الله- وهو من خيار المؤمنين- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعطني قميصك أكفنه فيه، قميص النبي صلى الله عليه وسلم يلبسه الرسول- عليه الصلاة والسلام- ولا شك أن ما كان الرسول يلبسه فإنه يجوز أن يتبرك به الإنسان كما سبق في حديث زينب، وعلى هذا فإن عبد الله جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعطيه قميصه ليكفنه فيتبرك بذلك، ولكن هل ينفعه هذا؟ لا ينفعه، لكن بناء على الظاهر، أما الحقيقة فإنه لا ينفعه؛ لأن الكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين.

يستفاد من هذا الحديث: كرم النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث لا يرد سائلًا سأل ما يجوز.

ويستفاد منه أيضًا: إذا قلنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى عبد الله بن أبي هذا مكافأة لأبيه حينما أعطى العباس قميصه في أسرى بدر، فيؤخذ منه: مكافأة المعروف بمثله، وهذه الفائدة وإن كان في أخذها من هذا الحديث شيء من الصعوبة، لكن قد دلت عليه الأدلة الأخرى، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليكم معروفًا فكافئوه))؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان إذا أسدى إليه أحد من الناس معروفًا أن يأخذه ويسكت لابد أن يكافئه بالمال وإما بالدعاء إذا كان ككم يكافأ بالدعاء.

ويستفاد منه: أن المنافق يعامل معاملة المسلم وإن كان معروف النفاق، لا سيما في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه))، فكان صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>