يعني: أنه منقطع عند البخاري، الحديث يقول:(أنا بريء) والبراءة بمعني: التخلي، ومنه إبراء المدين من دينه، أي: إسقاطه عنه، فالبراءة معناها: التخلي من كل مسلم يقيم بين المشركين سواء أقام في بيت واحد مع المشركين أو أقام في بلد واحد مع المشركين، فالنبي صلى الله عليه وسلم منه بريء.
وهذا الحديث يدل على: تحريم إقامة المسلم في بلاد المشركين وأن ذلك من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه، وبراءة النبي صلى الله عليه وسلم من الفاعل تدل على أن فعله كبيرة من الكبائر، ولكن قوله:(يقيم) هل المراد الإقامة المطلقة أو مطلق الإقامة؟ الاول، أما من ذهب وأقام بين المشركين لحاجة شراء بضاعة أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا بأس به، لأن هذه لا تعد إقامة مطلقة، وإنما هي مثل الزيادة والعيادة وما أشبهها، ولكن هذا الحديث يقول: إن البخاري رجح إرساله ففيه هذه العلة وهو كان من أثمة الحديثين أعلَّه بهذه العلة، والإرسال يوجب القدح في الحديث ما لم تتلقاه الأمة بالقبول، إن تلقته بالقبول صار مقبولا من حيث إن الأمة تلقته بالقبول وهذا شأن كل مرسل.
فإن قال قائل: إن هذا الحديث يشكل في الوقت الحاضر، لأنه لابد من إقامة المسلم بدار المشركين في موضوع السفارة، فإن سفراء الآن مقيمون بين المشركين؟
فالجواب عن هذا أن يقال: إذا كان السفير سفير خير يبين الحق ويدعو للإسلام ويدافع عن دولته ما يلحق بها من التهم والكذب والافتراء فإن هذا لا بأس به لما في ذلك من المصالح الكبيرة، لأن السفارات الآن ليس مجرد أن يتكلم السفير بلسان الحومة في أمور سياسية، بل فيها اقتصاديات وعسكريات وغيره، فالناس لابد لهم من ذلك فهو ضرورة، أما إذا كان السفير على اسمه بهذا المعنى فلا خير فيه، لأنه يوجد من السفراء من يشوه سمعة دولته بل من يشوه سمعة الإسلام ويكون وجوه في السفارات ضررا عظيمًا ليس على دولته فحسب بل على دولته وعلى المسلمين عمومًا، تجده لا يقوم بواجبه لا يحضر إلا يومًا بعد يوم، وإذا حضر لم يحضر إلا بعد الدوام، ثم إنا نسمع عن بعض السفراء أنهم يعربدون ويشربون الخمر! شئ يوحش! هؤلاء إقامتهم هناك حرام، لأن إقامتهم لا تزيدهم إلا شرا ومعصية، فرجوعهم إلى