ويستفاد من هذا الحديث: أولًا: أنه ينبغي للإنسان أن يلاحظ الإيمان والاحتساب حتى تكون أعماله مبنية على قاعدة من الشرع وعلى انتظار الجزاء، وأما بقية الحديث فمستفاد مما سبق.
كيفية السير في الجنازة:
٥٤٤ - وعن سالمٍ عن أبيه رضي الله عنه:"أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكرٍ وعمر، وهم يمشون أما الجنازة". رواه الخمسة، وصحَّحه ابن حبَّان، وأعلَّه النَّسائيُّ وطائفةٌ بالإرسال.
من سالم وأبوه؟ سالم بن عبد الله بن عمر، وأبوه عبد الله بن عمر، قوله:"رأى النبي" أي: رؤيا بصرية، وعلى هذا فتكون جملة "يمشون" في موضع نصب على الحال؛ لأن "رأى" البصرية لا تنصب مفعولين، وإنما تنصب مفعولًا واحدًا، فإذا جاء بعدها ما قد يوهم أنه المفعول الثاني فاجعله حالًت تقول:"رأيت زيدًا راكبًا على الجمل"، فـ "راكبًا" حال، ولا يصح أن تقول:"راكبًا" مفعول ثانٍ؛ لأن "رأى" البصرية لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا، وقوله:"وأبا بكر" معطوف على "النبي" وجملة "صلى الله عليه وسلم" جملة اعتراضية دعائية، وهي بلفظ الخبر، لكن معناها: الإنشاء، وقوله:"وهم يمشون" هذه الجملة حالية "أمام الجنازة" يعني: قدامها.
يستفاد من هذا الحديث: مشروعية كون الماشي أما الجنازة، لأن ابن عمر أخبر بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر يمشون، وهذا يحتمل أنه رآهم جميعًا، ويحتما أنه رأى كل واحد على انفراد، لكن المهم: أن الجميع كانوا يمشون أمام الجنازة، ووجه كون المشي أمامها على ما قال أهل العلم: أن المشيِّع كالشافع للجنازة، فكان الأولى أن يكون أمامها يتقدمها، ولكن الحديث يقول: إنه معلُّ بالإرسال، وما معنى الإرسال؟ الإرسال: يطلق على معنى خاصٍّ وهو ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، هذا المرسل بمعناه الخاص، وتارة يطلق الإرسال على كل ما لم يتصل سنده لسقوط راوٍ بين المحدث به وبين من عزاه إليه، وهنا الحديث متصل بالنظر إلى سالم عن أبيه، فإذا جعلناه مرسلًا بالمعنى الخاص فالذي يسقط منه ابن عمر- أبوه- يكون الرافع له تابعيًا وهو سالم، وأما إذا جعلناه بالمعنى العام فيمكن أن بعض سنده فيه انقطاع.
على كل حال: الإرسال يوجب ضعف الحديث حتى تعلم من الساقط، فإن علم الساقط ممن تقبل روايته قبل وإلا ردّ، وهذه المسألة- أعني: مسألة المشاة- أين يكونون من الجنازة؟