من الحاضرين- إذا كان يعرف الخطبة- يقوم فيخطب ويذكر الناس، وعندي أنه في وقتنا الحاضر حتى لو قلنا: إن الخطبة عارضة لا راتبة، فإنه ينبغي أن يخطب؛ لأن الناس عندهم جهل عظيم وإعراض عن الآيات كبير، ولاسيما وأنه ينشر في الصحف وبين الناس الحديث عن الكسوف ووقته، فيأتي الكسوف وكأنهم متفتحون له منشرحو الصدور، ما كأنه أمر يخشى منه أو يفزع منه، وهذا لا شك أنه يقلل أهمية الكسوف في قلوب الناس، فإذا قام أحد بعد صلاة الكسوف ووعظ فيكون في هذا خير.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي في صلاة الكسوف أن تكون كل ركعة أقصر مما قبلها، كل قراءة وركوع تكون قصر مما قبله لهذا الحديث؛ ويتفرع على هذه الفائدة فائدة أخرى وهي الحكمة في التشريع ومراعاة أحوال الناس، لكن بدون أن نهدر الأمر المشروع، وأنه فيما يظهر لنا أن تخفيف الرسول- عليه الصلاة والسلام- كل ركعة عما قبلها من أجل مراعاة أحوال الناس.
ويستفاد منه أيضا: وجوب الرفع من الركوع ومن السجود، وأنه أمر لا بد منه، ووجوب الركوع والسجود، لكن الركوع الثاني من كل ركعة عند أكثر أهل العلم سنة وليس بواجب.
روايات في كيفية صلاة الكسوف:
٤٨١ - وعن علي رضي الله عنه مثل ذلك.
٤٨٢ - وله عن جابرٍ رضي الله عنه:"صلى ست ركعاتٍ بأربع سجداتٍ".
٤٨٣ - ولأبي داود: عن أبي كعب رضي الله عنه: "صلى، فركع خمس ركعاتٍ وسجد سجدتين، وفعل في الثانية مثل ذلك".
كم يكون الجميع إذا كان خمس في الأولى، وخمس في الثانية؟ عشرة، وذكر الفقهاء أنه يجوز إلى ست يكون ركوعين وثلاثًا، وأربعًا، وخمسًا وستًا؛ لأن هذه وردت عن الصحابة- رضي الله عنهم-، ومثل هذا من المرفوع حكمًا؛ لأنه لا مجال للرأي فيه؛ ولهذا قال أهل العلم: إذا فعل الصحابي فعلًا يتعبد به لله فليس للرأي فيه مجال فيكون له حكم الرفع، ومثلوا بصلاة علي رضي الله عنه في الكسوف، ثلاث ركوعات في كل ركعة فيكون الجميع ستا.
المهم: هل هذا على سبيل التخيير والتشهي، يعني: كونه يزيد على ركوعين في كل ركعة