مشروع، فإن كان من العبادات فهو إما مستحب وإما واجبا، وإن كان من غير العبادات فإنه جائز ويكون الأمر للإرشاد، وهنا الصدقة من العبادات، وعلى هذا فتكون مستحبة في المستحب وواجبة في الواجب.
ومن فوائده: أنه يشرع للإنسان أن يبدأ بنفسه أولًا لقوله صلى الله عليه وسلم "تصدَّق به على نفسك".
ومن فوائده: أن الإنفاق على النفس صدقة، ولكن هي صدقة شرعًا أمَّا عرفًا فلا وعلى هذا فلو أن الإنسان حلف قال:"والله لأتصدقن"، ثم ذهب إلى المطعم فأفطر هل يكون بر بيمينه؟ عرفًا: لا لأن الصدقة عرفًا إنما تكون لغير نفس الإنسان، بل ولغير نفقته على زوجته وأهله، فيستفاد من هذا: أن الصدقة في الشرع أوسع منها في العرف.
ومن فوائده أيضًا: الترتيب بين المصالح، وأن الإنسان يبدأ بالأهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده أو بزوجه على اختلاف الروايتين، والمشهور تقديم الزوجة، وعلَّلوا ذلك بأن الزوجة إذا لم ينفق عليها قالت: طلقني، فإذا طلقها فقد فوت مصلحة تعود إلى نفسه بخلاف الولد.
ومن فوائده: جواز اتخاذ الخادم لقوله: "على خادمه"، وهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم على اتخاذ الخدم، بل حتى في القرآن ما يدل عليه كما في قوله تعالى:{أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال}[النور: ٣١]. ولكن هل نقول: إنه يقتصر فيه على الحاجة، أو للإنسان أن يتخذ خدمًا ولو كثروا؟ الجواب: أنه ينبغي أن يقتصر في ذلك على الحاجة لأمور:
الأمر الأول: أن هؤلاء الخدم إذا كثروا لزمك من المؤنة والمراعاة والمسئولية ما لا يلزمك لو كانوا أقل، وهذا قد يتعبك في يوم من الأيام.
والثاني: أن كثرتهم قد تؤدي إلى النزاع فيما بينهم.
والثالث: أن كثرتهم قد تؤدي إلى الترف فينغمس الإنسان فيه وتغره الحياة الدنيا.
والرابع: أن هذا قد يتخذ مباهاة بين الناس أيهم أكثر خدمًا، وحينئذٍ نقول: فإذا جاز الخادم فينبغي أن يكون على قدر الحاجة فقط.
ومن فوائد الحديث: أن المفاضلات قد يكون لها غاية؛ بمعنى: أن الإنسان يبين له الأفضل حسب المراتب، ثم يقال له: الباقي أنت أبصر به، ولكنه يشكل على هذا أن الإنسان أحيانا قد يرى أن هذا المفضل دون المفضل عليه في الأولوية، وهذا ما يعبر عنه عند الفقهاء بقولهم: قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، فيقال في الجواب على هذا: إن