للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل الأصبعين كليهما في الأذن, ولكن يدخل بعضهما, والهمزة والباء مثلثتان - يعني: يجوز فيهما الضم والفتح والكسر -, فيكون اللغات تسعًا من ضرب ثلاثة في ثلاثة؛ ولهذا لا أحد يلحن بالنسبة للتصريف في «إصبع».

ولابن ماجه: «وجعل إصبعيه في أذنيه». ولا فرق بين هذه وهذه فيما يظهر, إلا أن هذه صريحة في أنه جعلهما, والأولى جملة حالية كما سبق.

ولأبي داود: «لوى عنقه لما بلغ حي على الصلاة يمينًا وشمالًا ولم يستدر» لوى عنقه عند الحيعلتين يمينًا وشمالًا, لكن هل يفهم من الحديث أنه جعل اليمين لـ «حي على الصلاة» في الجملتين, والشمال «حي على الفلاح» في الجملتين, أو أنه قال: «حي على الصلاة» يمينًا, ثم «حي على الصلاة» شمالًا, ثم «حي على الفلاح» يمينًا, ثم «حي على الفلاح شمالًا»؟ في هذا رأيان لشراح الحديث:

فمنهم من قال: إن معناه أنه قال: حي على الصلاة يمينًا في الجملتين, حي على الفلاح شمالًا في الجملتين.

ومنهم من قال: جعل لكل جهة حظا من حي على الصلاة, ومن حي على الفلاح, فعلى هذا المعنى يكون القول بأنه وزعهما أقوى, أما الأول: فربما يؤيده قوله: «لما بلغ حي على الصلاة يمينًا وشمالًا» على الترتيب, فيكون حي على الصلاة يمينًا في الجملتين, وحي على الفلاح شمالًا في الجملتين, والعمل على هذا, والحكمة من ذلك: ليكون النداء إلى الصلاة وإلى الفلاح من الجهتين اليمين والشمال.

* في هذا الحديث من الفوائد:

أولًا: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على معرفة السنة في كيفية الأذان, من أين يؤخذ؟ من تتبع أبي جحيفة لأذان بلال, ويتفرع على هذا أنه ينبغي أن يتتبع الإنسان صفة العبادة ممن له علم بها وتطبق, يعني مثلًا: رأيت عالمًا يصلي تتبع صلاته حتى تأخذ بها, إذا علمنا أن الرجل حريص على تطبيق السنة, كذلك رأيناه في الطواف, في السعي, الوقوف يفعل شيئًا - وهو ممن يوثق بعلمه ودينه - فإننا نتبعه.

ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية الالتفات يمينًا وشمالًا في «حي على الصلاة, وحي على الفلاح» على الوجهين اللذين ذكرناهما, لكن هل هذا الحكم باقٍ إلى الآن؟ الظاهر: لا يجب الالتفات الآن, أعني بالآن: أن الناس يؤذنون بمكبر الصوت, بل إنه لو التفت يمينًا وشمالًا عن مقابلة اللاقط لانخفض الصوت؛ لذلك نقول: لا يلتفت, لكن ينبغي في تركيب

<<  <  ج: ص:  >  >>