ليس بهذا اللفظ, بل بلفظ آخر, وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها». فإذا كانت الصلاة على وقتها, فمعناه: إن كان ميقاتها في أول الوقت فهي أفضل, وإن كان ميقاتها في آخره فهي أفضل؛ فيكون مطابقًا للأحاديث الأخرى, ولا يحتاج إلى استثناء.
١٦٣ - وعن أبي محذورة, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول الوقت رضوان الله, وأوسطه رحمة الله؛ وآخره عفو الله». أخرجه الدارقطني بسندٍ ضعيفٍ جدًا.
قوله: «أول الوقت» يعني: في الصلاة, «رضوان الله» يعني: أنه أفضل مما بعده؛ لأن رضا الله عز وجل أعلى أنواع النعيم؛ ولهذا «إذا سأل الرب - تبارك وتعالى - أهل الجنة ماذا يتمنون عليه, قالوا: إنك أعطيتنا كذا وكذا وكذا, قال: أحل عليكم رضواني, فلا اسخط عليكم بعده أبدا». فرضا الله - تبارك وتعالى, وفقنا الله وإياكم له - أفضل أنواع النعيم, كذلك أيضًا الصلاة في أول الوقت هي أفضل الصلوات.
«أوسطه» يعني: بين الأول والآخر «رحمة الله» لا ينال به الإنسان رضوان الله, ولكنه ينال به الرحمة, وهي أعلى من قوله: «وآخره عفو الله» يعني: أن الله عفا عنا ورخص لنا أن نؤخر الصلاة إلى آخر الوقت, لكن هذا الحديث يقول: «أخرجه الدارقطني بسند ضعيف جدًا». «جدا» , يعني: أجده جدًا, أحقه حقًا, إذا كان ضعيفًا فلماذا ذكره المؤلف رحمه الله؟ لأن الضعيف لا يجوز أن تبنى عليه الأحكام, ذكره من أجل ألا يغتر به أحد إذا قرأه في الدارقطني ليبين أنه ضعيف لا يعتمد عليه, وهذا جيد من تصرف المؤلف رحمه الله؛ لأنه إذا كان هذا الحديث في الدارقطني وقرأه القارئ وهو لا يعلم سيقلبه, ولكن إذا بين المؤلف رحمه الله وهو من الحفاظ المعتبرين حينئذ سقط الاستدلال به.
وحينئذ نقول: أول الوقت أفضل فيما يسن تقديمه, وآخر الوقت أفضل فيما يسن تأخيره, وما بين ذلك فهو رخصة, هذا الذي تدل عليه الأحاديث ونكتفي بها.
١٦٤ - وللترمذي من حديث ابن عمر نحوه, دون: «الأوسط» , وهو ضعيف أيضًا.