للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٥ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين». أخرجه الخمسة, إلا النسائي.

- وفي رواية عبد الرزاق: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر».

١٦٦ - ومثله للدارقطني عن عمروٍ بن العاص رضي الله عنه.

هذا أيضًا مما يؤخذ على المؤلف, أن هذا ليس مكانه, أين مكانه؟ بعد ذكر أوقات النهي, وليس هذا محله, لكن على كل حال - كما قلت لكم - الإنسان قد يسهو ويغفل, فلنعد للحديث: «لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين» , والمراد بالسجدتين هما الركعتان, وهما ركعتا الفجر, سبق لنا الكلام على مثل هذا التعبير «لا صلاة» , وأنه أولًا لنفي الوجود, فإن لم يمكن فلنفي الصحة, فإن لم يمكن فلنفي الكمال, فلننظر هذا الحديث: «لا صلاة بعد الفجر» يعني: بعد طلوع الفجر.

«إلا ركعتي الفجر» يعارض الأحاديث السابقة الصريحة في أن النهي يتعلق بفعل الصلاة, لا بطلوع الفجر, وحينئذٍ لابد لنا من أحد مسلكين إما أن نقول: إن هذا شاذ فيرد؛ لأنه من المعلوم أن الضعيف لا يمكن أن يقاوم الصحيح, وإما أن يقال: نفي الصلاة هنا غير نفي الصلاة هنا, هناك نفي للتحريم, وهنا نفي للمشروعية؛ بمعنى: أنه لا يشرع للإنسان أن يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.

أيهما أولى: أن نحمل على المعنى الأول ونقول: شاذ ونرد الحديث, أو نؤوله إلى معنى يتطابق مع الحديث الثاني؟

الثاني أولى؛ لأنه متى أمكن الجمع وجب, فنقول: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بعد الفجر» أي: لا صلاة مشروعة, لا أن المعنى: لا صلاة, يعني: النهي بمعنى: لو أنك صليت راتبة الفجر وجلست تنتظر صلاة الفجر, فهل الأفضل أن تقوم وتصلي, أو الأفضل ألا تصلي؟ بناء على هذا الحديث: الأفضل ألا تصلي, وهو كذلك الأفضل ألا تصلي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ك ان يخفف الركعتين, فإذا كان يخفف شيئًا مشروعًا فكيف نأتي بشيء غير مشروع.

وعليه فنقول: ما بين أذان الفجر وصلاة الفجر لا تشرع الصلاة إلا ركعتي الفجر, لكن لو فعل الإنسان ذلك لا نؤثمه؛ لأن وقت النهي إنما يدخل بعد الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>