ثم يقال لهم: هب أن معنى البغضاء: العقوبة فإن العقوبة لا تأتي إلا عن بُغض غذ لا يمكن أن يعاقب من كان محبوباً أبداً، وهل يقال لشخص أمسك رجلاً وجعل يضربه ضرباً شديداً وذاك يصيح: اتق الله، فيقول: الله إني أحبه كل ما تألم ضربه أكثر وقال: أنا أحبك ماذا يقول المضروب؟ يقول: إذا كان هذا مقتضى المحبة عندك فأبغضني من أجل أن يرتفع عني الضرب، هل يمكن أن الله يعاقب من لا يبغض أبداً ما يمكن.
البغضاء تدل على الكراهة؛ إذا لا يمكن أن يعاقب الله على ما يحب، فصار الأمر لازماً لهم حتى لو فروا منه فإنهم لا يسلمون من ظعن الحق بظهوره.
ومن فوائد الحديث: الحذر من الفُحش، وأن الإنسان ينبغي أن يكون رقيقاً طاهر القلب طاهر اللفظ.
ومن فوائده أيضاً: تحريم البذاءة والحذر منها، وأنه لا يجوز للإنسان أن يكون بذيئاً، بل يكون لطيفاً حنوناً رقيقاً مألوفاً عند الناس، يألفونه ويألفهم.
١٤٤٢ - وله من حديث ابن مسعودٍ رفعه: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء". وحسنه، وصححه الحاكم، ورجح الدارقطني وقفه.
قوله: "رفعه" يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم والحديث إما مرفوع وإما موقوف وإما مقطوع، الحديث المرفوع ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف ما أضيف إلى الصحابي ولم يثبت له حكم الرفع، والمقطوع ما أُضيف إلى التابعي فمن بعده وهو غير المنقطع، المنقطع من أوصاف السند، والمقطوع من أوصاف المتن، والمنقطع يلزم منه الضعف لانقطاع سنده والمقطوع لا يلزم منه الضعف قد يكون صحيحاً بالنسبة إلى من أُضيف إليه، المهم أن قوله: رفعه يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم لماذا قال هذه الكلمة رفعه؟ نقول كأن الراوي -والله أعلم- صار عنده تردد هل قاله ابن مسعود مضافاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، لكن هل قاله الرسول -عليه السلام- باللفظ نفسه، أو قاله بغير هذا اللفظ، لكن الراوي فهم أنه مرفوع، "ليس المؤمن بالطعان" هذه جملة سلبية وقوله: "المؤمن أي: الكامل الإيمان، وقوله:"بالطعان" صيغة مبالغة من طعن يطعن فهو طاعن والمراد بالطعان الذي يطعن في الناس إما بأنسابهم، وإما بأشكالهم، وإما بأعمالهم، المهم أن الطعان هو الذي يطعن في الناس أي يعيبهم، "ولا باللعان" كثير اللعن كل ما يتكلم يقول: لعنك الله أعطني القلم لعنك الله، أعطني الكتاب وإذا تأخر عليه قال له: الله يلعنك لماذا لم