استعارة وهي استعارة المقضي الذي حصل به القضاء للمقضي الأول الذي ثبت به القضاء، الفرق إذا قلنا أن المراد بالبكر هنا البكر الأول الذي استسلف، صار لابد من تقدير ما هو؟ عوض بكره، لأن بكره الأول راح، وإذا قلنا: إن المراد بالبكر هنا البكر المدفوع قضاء صار إطلاق البكر عليه من باب الاستعارة؛ لأن يكون شبيها للأول، كأنه قال: اردد عليه بكرا مثل بكره. فقال:"لا أجد إلا خيارا رباعيا"، الخيار الجيد: الذي يختاره الإنسان على غيره، والرباعي: ما بلغ سبع سنين، هذا بالنسبة للإبل، وبالنسبة للبقر ما بلغ خمس سنين، وبالنسبة للغنم ما بلغ أربع سنين، فالرباعي يختلف، فقال له:"أعطه إياه" بعني: أعطه هذا الخيار الرباعي بدلا عن البكر، "فإن خيار الناس أحسنهم قضاء""خيارهم"، أي: في الوفاء وقضاء الدين، وليس المراد: الخيار المطلق، بل المراد: خيار الناس في قضاء ما عليه من الدين.
من فوائد هذا الحديث: أولا: بيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من قلة ذات اليد، ولو كانت الدنيا خيرا لكان أولى الناس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يمضي عليه الشهر والشهران والثلاثة ما أوقد في بيته نار، طعامه الأسودان: التمر والماء.
ومن فوائده: جواز اقتراض الحيوان، فتأتي إلى الشخص وتقول له: من فضلك سلفني شاة، لا بأس بهذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا، جئت إلى شخص وقلت: سلفني حمارا فيجوز، جئت إلى شخص وقلت: أقرضني جاريتك هذا لا يجوز، قالوا: لأنه يؤدي إلى أن يقترض جارية فيطؤها عدة ليال ثم يردها، وهذا معلوم أنه حرام، ولهذا أجاز بعضهم استقراض الذكر فتقول: أقرضني فيقرضه ثم يوفيه عبده.
هل يجوز استقراض السيارات؟ يجوز، القرض غير العرية، العرية لا يملكها المستعير، لكن القرض يمكله.
وهل يجوز التوكيل في الاستقراض والوفاء؟ في القضاء فقط، أما الاستسلاف فلا، إذن في الحديث دليل على جواز التوكيل في القضاء.
ومن فوائد الحديث: أن الوكيل لا يتعدى ما أكثر مما وكل فيه إلا بعد مراجعة الموكل، الدليل: أن أبا رافع لما لم يجد إلا خيارا رباعيا لم يوف حتى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: جواز الزيادة في الوفاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوفاه مما استقصى وقال:«إن خير الناس أحسنهم قضاء»، ولكن الزيادة لا تخلو إما أن تكون في الكمية أو في الكيفية، إن كانت في الكيفية فلا شك في جوازها؛ لأن هذا الحديث يدل عليها، يعني: مثلا استقرضت منه صاع بر جيد هذا لا بأس به ولا حرج فيه، ولكن في الكمية هل نقول: بالجواز أو نقول: بعدم الحواز؟ فيه خلاف، يعني: إذا استقرضت واحدا فأوفيت ثلاثة، فالصحيح