جوازه، وأنه لا فرق بين الكمية والكيفية، وعليه فلو استقرضت منه درهما ورددت عليه درهمين، فلا حرج فهو جائز، لكن يشترط ألا يكون هذا مشروطا في عقد القرض، فإن شرط في عقد القرض فإنه لا يجوز كما سيأتي في الحديث الذي بعده.
ومن فوائد الحديث: أن المثلي يجري في الحيوان، كيف هذا؟ يعني: أن الحيوان يضمن بمثله لا بالقيمة إلا إذا تعذر المثلي والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رد النبي رد بعيرا عن بعير، وذهب بعض العلماء إلى أن المثلي لا يجري في كل مصنوع ولا في كل ذي روح ويقولن في تعرف المثلي: كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة يصح السلم فيه فيضيقون المثلي، وبناء على هذا القول نقول: إذا استقرص الرجل شاة فإنه لا يرد شاة بل يرد قيمة الشاة وقت القرض، زادت أو نقصت، ولكن هذا الحديث يرد عليه، وهذا هو الصحيح، أي: ما دل عليه الحديث أن المثلي يجري في الحيوان والمصنوع وفي كل شيء له مثل فالثياب مثلا مثلية، والأواني مثلية والفرش مثلية، والحيوان مثلي، والسيارات مثلية، وهكذا لأن المثلي هو ما كان مثيلا للشيء أو مقاربا له.
ومن فوائد الحديث: فضيلة حسن القضاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«فإن خيار الناس أحسنهم قضاء»، وقد جاء في حديث آخر:«رحم الله امرأ سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى وسمحا إذا اقتضى»، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة لسماحته.
ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بقرن الأحكام وبعللها، وجهه: أنه قال: «أعطه إياه فإن خيار الناس ... إلخ»، وإلا لكان يكفي أن يقول: أعطه إياه.
ومن فوائد الحديث: تفاضل الناس في الأخلاق لقوله: «فإن خيار الناس»، والناس يتفاوتون في الأخلاق، ويتفاوتون في الأعمال، ويتفاوتون في الإيمان، وفي كل شيء، ويتفرع من هذه القاعدة: أن الإيمان يزيد وينقص، وجهه قوله:«خيار الناس»؛ لأن الرسول فضل بعض الناس على بعض.
ومن فوائد الحديث: أن العقود تنعقد بما دل عليها لقوله: «أعطه إياه»، ولم يقل: أوفه، ومعلوم أن العطية أوسع من الوفاء، قد تكون العطية ابتداء هبة، ولكن القرينة تدل على أن المراد أعطه إياه وفاء، فيستدل به على أن العقود تنعقد وهو القول الراجح.
ومن فوائد الحديث: جواز استدانة ولي الأمر على بيت المسلمين، وجه ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى هذا من الصدقة، وقضاؤه إياه من الصدقة يدل على أنه لم يستند به لنفسه؛ لأنه لو كان لنفسه ما أداه من الصدقة لأنه تحرم عليه الصدقة، ولكن يشترط ألا يظهر نفسه بدين لا يرجو وفاءه، بل يستدين للحاجة بقدر للحاجة إذا كان يرجو الوفاء.