ولكن إذا رجعنا إلى العلة قلنا: إنه ينتقض، كرجل مست امرأته ذكره وحصل شهوة، العلة واحدة؛ وربما يكون إثارة شهوته بمسه امرأته أشد من إثارة شهوته بمسه هو.
٦٧ - وعن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من مس ذكره فليتوضأ". أخرجه الخمسة، وصححه الترمذي، وابن حبان.
- وقال البخاري:"هو أصح شيء في هذا الباب".
"من" شرطية تفيد العموم، وقوله:"مس ذكره فليتوضأ" اللام في قوله: "فليتوضأ" لام الأمر فيفيد فوائد؛ منها: أن الرجل إذا مس ذكره فإنه مأمور بالوضوء لقوله: "فليتوضأ".
قوله:"من مس ذكره" ظاهره أنه لا فرق بين أن يمسه لشهوة أو لغير شهوة، وبين أن يمسه عمدا أو غير عمد؛ لأن الإنسان ربما يمس ذكره عن غير عمد، أما إذا أراد أن يرفع إزاره أو يرفع سراويله فمسه عن غير عمد فظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يقصد ذلك أو لا.
وقد يقال إن قوله:"من مس" ظاهر في أن المراد: تعمد المس، لكن الفقهاء الحنابلة - رحمهم الله- يقولون: إنه إذا مس ذكره ولو عن غير قصد فإن وضوءه ينتقض.
وقوله:"من مس ذكره" ولم يقل: من مس الذكر، فيقتضي أنه إذا مس ذكر غيره لا ينتقض وضوؤه، كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله.
وقوله:"فليتوضأ" لم يذكر إلا الوضوء، فلا يجب الاستنجاء؛ لأن الاستنجاء إنما يجب من بول أو غائط.
في هذا الحديث فوائد منها: أن من مس ذكره فإنه مأمور بالوضوء مطلقا لشهوة أو لغير شهوة، عن عمد وعن غير عمد، لكن كما ذكرنا آنفا أن الظاهر أن المراد العمد.
وهل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ اختلف العلماء - رحمهم الله- في هذا القول؛ فقيل: إن ألأمر للوجوب: وقيل: إن الأمر للاستحباب لم يكن بينهما تعارض، فهل نقول في الجمع بينهما: الأمر في حديث "بسرة" للاستحباب، ونفي الوجوب في حديث "طلق" لا يعارض ثبوت الاستحباب، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم، وقالوا: إنه إذا مس ذكره استحب أن يتوضأ سواء كان لشهوة أو لغير شهوة، ولا يجب سواء كان لشهوة أو لغير شهوة، وقيل: إن الجمع بينهما إذا قلنا الأمر للوجوب أن يحمل حديث "بسرة" على من مسه لشهوة، وحديث "طلق" على من مسه لغير شهوة، والتعليل