أولا: نسأل لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث مع أنه ضعيف مخالف للأصول؟ نقول: أتى به رحمه الله ليبين حاله - حال هذا الحديث- وأنه ضعيف؛ ولأن بعض العلماء أخذ به، فأتى به ليبين مرتبة هذا الحديث وحاله، وأن من أخذ به فهو قد بنى على حديث ضعيف.
قوله:"من أصابه قيء" القيء خروج الطعام أو الشراب من المعدة، "أو رعاف" خروج الدم من الأنف، "أو قلس" خروج الطعام أو الشراب من المعدة، ولكن ملء الفم فقط؛ يعني: ليس بكثير، "أو مذي" هو الماء الذي يخرج عند الشهوة، وسبق الكلام عليه، "فلينصرف" من أي شيء؟ من المسجد، لكن الحديث يدل على أن المصلي ينصرف من الصلاة، قال:"فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته"، فهذا الرجل الذي أصيب بهذه الأشياء وهو يصلي نقول: انصرف توضأ، وابن على صلاتك، ولكن لا تتكلم لأنك لو تكلمت بطلت الصلاة، لكن هذا الحديث - كما قال ابن حجر رحمه الله- ضعفه أحمد، [في الحاشية] عندي ضعفه الشافعي، والداقطني؛ لأن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم غلط والصواب إرساله. هذا الحديث ضعيف من حيث السند، وأيضا ضعيف من حيث المتن؛ لأنه مخالف لأصول الشريعة.
فإذا قلنا: إن هذه الأشياء الأربعة نواقض للوضوء، فكيف يصح بناء آخر الصلاة على أولها مع وجود ناقض، هذا لا يمكن، والرسول - عليه الصلاة والسلام- قال في حديث أبي هريرة إنه إذا سمع صوتا أو وجد ريحا ماذا يجب عليه؟ يجب أن ينصرف ويتوضأ، فيكون هذا الحديث مخالفا له.
ثانيا: من منكرات هذا الحديث أنه قال: "وهو في ذلك لا يتكلم". فيقال: سبحان الله!
الحدث لا يبطل الصلاة والكلام يبطل أيهما أهون؟ الكلام، ولهذا لو تكلم الإنسان جاهلا في صلاته أو ناسيا فصلاته صحيحة، لكن لو أحدث ناسيا بطلت صلاته.
على كل حال: هذا الحديث لا يصح، وإذا لم يصح لم يبن عليه حكم، فلنرجع إلى هذه الأشياء.
هل " "القيء" ينقض الوضوء؟ الصواب: لا، قل أو كثر، وذلك لعدم الدليل الصحيح على نقض الوضوء به، ولا فرق بين أن يتقيأ الشيء وهو بحاله، يعني: الآن أكل أو شرب ثم تقيأ والطعام لم يتغير والشراب لم يتغير، أو كان قد تغير بأن أخذ مدة ثم تقيأ فإنه لا ينقض وضوءه لا القليل ولا الكثير، ولا المتغير ولا غير المتغير.
"الرعاف" مثله نقول: لا ينقض الوضوء حتى لو كثر. فإن قال قائل: أليس جاء في الحديث: أن الرجل إذا أحدث في صلاته خرج من الصلاة ووضع يده على أنفه كأنه أرعف، ألا يدل هاذ على نقض الوضوء بالرعاف؟ فالجواب: لا، لكن من المعلوم أن الإنسان إذا أرعف وهو يصلي، فإنه لا يتمكن من إتمام الصلاة وحينئذ لابد ان يخرج؛ لأن لا يمكنه إتمام الصلاة