ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن التحدث على قضاء الحاجة حتى وإن كان أحدهما لا يرى الآخر كما لو كانا في مرحاضين متجاورين بينهما جدار قصير، فصار كل واحد منهما يحدث الآخر.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات المقت لله؛ أي: إثبات وقوع المقت من الله، وهو أشد البغض وقد ثبتت هذه الصفة - أعني: البغض- بوصف المقت وبوصف البغض أيضا، فجاءت في السنة بلفظ البغض، وجاءت في القرآن بلفظ المقت، قال الله تعالى:{كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}[الصف: ٢].
وأخبر الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "إن الله يبغض من الرجال البذيء". وهذا يدل على ثبوت هذه الصفة لله عز وجل شديدة وخفيفة: خفيفة في البغض، وشديدة في المقت.
- فما معنى البغض المضاف إلى الله عز وجل، أو المقت؟
نقول: أما أهل السنة والجماعة فيقولون: إنه حقيقة أن الله يبغض ويحب حقيقة؛ لأن هذا ما جاءت به النصوص وهذا أمر غيبي، والأمر الغيبي يجب على الإنسان أن يصدق به على ظاهره، وأما عند أهل التأويل والتعطيل فيقولون: لا، إن الله لا يبغض ولا يمقت، وإنما المراد بالبغض والمقت: العذاب والانتقام، ولا شك أن هذا تحريف للكلم عن مواضعه؛ لأن الانتقام والعقوبة غير البغض ولكنها من لازم البغض، فإذا أبغض الله الإنسان عاقبه وليست هي البغض، وما المانع من أن تقول: إن الله يبغض الشيء، أو يمقت على الشيء على وجه الحقيقة؟ لا مانع، فإذا كان لا مانع وجب علينا أن نصدق به، وألا نحرف الكلم عن مواضعه، وهذا يقال في وصف العجب، والرضا والمحبة، والكراهة، السخط، يقال فيها كما نقول في البغض، يجب إثبات هذه الصفة لله عز وجل على وجه الحقيقة.
ولكن هل يكون بغضه كبغض المخلوقين؟ لا، لماذا؟ لأن لدينا قاعدة عامة محكمة وهي قوله تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى: ١١]. فجميع صفاته - تبارك وتعالى- ونعوته لا يمكن أن تماثل صفات المخلوقين ونعوتهم.
ومن فوائد هذا الحديث: تحريم هذه الهيئة، وهي أن يجتمع اثنان يقضيان حاجتيهما ويتحدثان، بل لو شاء لقلنا: إنه من كبائر الذنوب؛ لأنه رتب عليه الوعيد، وإذا رتب عليه الوعيد فقد ذكر العلماء - رحمهم الله- أن كل ذنب ختم بوعيد فهو من كبائر الذنوب.