للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "لا"، لا تدعي الصلاة، بل صلي ثم علل هذا الحكم فقال: "إنما ذلك - بالكسرة- عرق" لأن الكاف في اسم الإشارة يراعى فيها جانب المخاطب، واسم الإشارة يراعى فيه جانب المشار إليه، فإذا قيل أشر إلى اثنين مخاطبا جماعة رجال نقول: "ذانكم" أشر إلى جماعة رجال مخاطبا إناث "أولائكن"، أشر إلى واحد مخاطبا إناثا، "ذلكن" في القرآن الكريم {فذلكن الذي لمتنني فيه} [يوسف: ٣٢]. هنا في الحديث "ذلك" المخاطب امرأة، والكاف إذا خوطبت بها امرأة تكون مكسورة، و"ذا" اسم إشارة لمذكر مفرد وهو الدم يعني إنما الدم دم عرق، واعلم أن هذا هو المشهور في اللغة أن الكاف إنما يراعى فيها جانب المخاطب إن كان مفردا مذكرا فهي مفتوحة، وإذا كانت مفردة مؤنثة فهي مكسورة، جماعة نسوة تقترن بها النون "كن" جماعة رجال تقترن بها الميم "كم"، مثنى لذكور أو إناث تقترن فيها الميم والألف كما، هذا هو الأفصح في اللغة العربية، وجاء في اللغة أيضا فتحها لمخاطبة الذكور مطلقا، ولو كانوا اثنين أو جماعة، وكسرها للإناث مطلقة سواء كن اثنين أو جماعة، وجاء فتحها مطلقة في الإفراد باعتبار الشخص ذلك يعني أخاطب هاذ الشخص، ولو كان أكثر من واحد، وقوله: "إنما ذلك عرق" فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين دم الحيض وهذا الدم، هذا قال: "إنه دم عرق"، ودم الحيض دم طبيعة وجبلة كتبه الله تعالى على بنات آدم منذ خلقهن فهو دم طبيعة يأتي بغير سبب، لا مرض ولا جراحة ولا غير ذلك طبيعي، قال العلماء: ويخرج - أي: دم الحيض- من عرق في قعر الرحم، وللأطباء المتأخرين فيه كلام أكثر من هذا، فالمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين دم الحيض، ودم الاستحاضة بأن دم الاستحاضة "دم عرق"، قال: "وليس بحيض" أيضا لما أثبت ذاك نفى عنه الحيض، قال: "وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة"، وبماذا تعرف إقبال الحيضة؟ تعرف إقبال الحيضة إذا كانت معتادة يعني: لها عادة سابقة قبل الاستحاضة، فإقبال الحيضة إقبال المدة، وإن لم يكن لها عادة، فإقبال الحيضة تغير الدم، فمثلا امرأة كانت من عادتها أن تحيض في أول يوم من الشهر ستة أيام، ثم ابتليت بالاستحاضة وصار الدم معها دائما، هذا الحيض تجلس في الشهر الثاني من أول يوم إلى ستة أيام والباقي استحاضة، تصلي وتصوم وتعمل كل ما تعمل الطاهرات، إذن إقبال الحيضة نقول في المعتادة إقبال أيام عادتها، وفي غير المعتاد إقبال التمييز، كيف التمييز؟ الفقهاء - رحمهم الله- يقولون: التمييز من ثلاثة وجوه:

أولا: دم الحيض أسود، ودم الاستحاضة أحمر.

ثانيا: دم الحيض ثخين، ودم الاستحاضة رقيق.

ثالثا: دم الحيض له رائحة منتنة، ودم الاستحاضة ليس له ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>