وقال - عليه الصلاة والسلام-: "إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا". وإذا كان هذا في قضية خاصة فإنا نقول: نقيس بقية القضايا عليها، وأن هذين الرجلين الخليفتين الراشدين أقرب إلى الصواب من غيرهما بلا شك، وإن كان من غير الخلفاء من غير من نص عليه، فإن كان من فقهاء الصحابة المعروفين بالتحري وسعة العلم فقولهم حجة، وإن كان من عامة الصحابة فقد أرى الإمام أحمد رحمه الله أن قول الصحابي مقدم على القياس، وأنه حجة لكن في النفس من هذا شيء؛ لأن بعض الصحابة كرجل جاء وافدا إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام- وتلقى منه ما تلقى من الفقه في الدين، ثم رجع إلى قومه فإذا قال قولا من غير ما أخذه من الرسول ففي النفس من هذا شيء أي أن يكون حجة على الأمة يلزمها الأخذ به.
فإذا قال قائل: لماذا جاء المؤلف بهذا الحديث؟ نقول: أتى به إشارة إلى أن النوم اليسير لا ينقض الوضوء، فلنتكلم على النوم: النوم ذكر فيه الشوكاني في نيل الأوطار ثمانية أقوال للعلماء؛ لأن العلماء تنازعوا فيه بناء على اختلاف الأحاديث، واختلاف الأحاديث - والحمد لله- اختلاف لفظي، إذ يمكن الجمع بينهم، فهل النوم ناقض للوضوء؟
الجواب: فيه خلاف ثمانية أقوال: منهم من قال: إنه لا ينقض مطلقا، ومنهم من قال: إنه ينقض مطلقا، ومنهم من فصل في هذا، وهذا القول الأخير هو الصواب، الصواب التفصيل في النوم لن النوم نفسه ليس حدثا حتى نقول إنه ينتقض قليله وكثيره كالبول والغائط، وإنما النوم مظنة الحدث لحديث:"العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء". فهو مظنة الحدث، وإذا كان مظنة الحدث نظرنا إذا كان نوما مستغرقا بمعنى أن الإنسان لو أحدث لم يحس بنفسه، النوم هنا ناقض لاحتمال أن يكون أحدث ولم يشعر بنفسه، وسواء كان مضطجعا او جالسا أو راكعا أو قائما على كل حال نقول: إذا كان لو أحدث لم يحس بنفسه فإن نومه ينقض الوضوء، وأما إذا كان لو أحدث لأحس بنفسه، فإن نومه لا ينقض الوضوء حتى لو تراءى له حلم أو رؤيا، أو كان مضطجعا أو متكئا، أو ساجدا، أو راكعا ما دام يقول له أحدث لأحس فالنوم لا ينقض الوضوء، حتى لو بقي ساعة أو ساعتين ينفث وهو يعلم أنه لو أحدث لأحس فإنه لا ينتقض وضوؤه؛ لماذا؟ لأن الأصل بقاء الوضوء فلا تنقضه بالشك.
فإذا قال قائل: وإذا كان نائما ولا يحس بنفسه لو احدث فهل نتيقن أنه أحدث؟ لا، إذن