الله من فضله, المهم الذكر المقيد يقدم على الذكر المطلق, وإن كان الذكر المطلق أفضل منه, فمثلًا قراءة القرآن أفضل من الذكر المطلق, لكن المقيد في حينه يقدم على المطلق.
إذا كان في صلاة وسمع المؤذن فهل يجيب المؤذن وهو يصلي؟ اختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه يجيبه؛ لأن إجابة المؤذن من الذكر, ولا ينافي الصلاة, وإذا كان من الذكر ولا ينافي الصلاة وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا مطلقًا فإنه يجيبه, ولكن الذي يظهر أنه لا يجيبه في الصلاة؛ لأنه إذا أجابه في الصلاة اشتغل اشتغالًا كثيرًا في إجابة المؤذن, وليس كالذكر الذي يتأتى بجملة واحدة, فالظاهر لي أنه لا يجيبه, ويستدل لهذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الصلاة لشغلًا».
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا أجاب المؤذن يرفع صوته كصوت المؤذن هل هذا هو المثلية؟ نقول: المراد: المثلية في أصل الذكر, وليس في رفع الصوت, والفرق بين المؤذن وبين سامعيه في هذه الحال واضح, المؤذن يؤذن لغيره, وهذا يجيب المؤذن فهو ذكر لا يشرع الجهر به كجهر المؤذن.
من فوائد الحديث: لو سمع أكثر من مؤذن أيجيب؟ الحديث مطلق: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» , فلو أذن المؤذن وتابعته وانتهى, ثم أذن آخر فتابعه؛ لأن الحديث مطلق, ولم يقل: إذا سمعتم النداء الأول, بل أطلق فيشمل كل ما سمعتم, لكن إذا اختلطت أصوات المؤذنين فبدأ الثاني عندما أكمل الأول التكبيرات الأربع فماذا يصنع هل يتابع؟ إن تابع اختلف الترتيب بالنسبة لمتابعة الأول, ففي هذه الحال نرى أنه يتابع الأول ويستمر معه, لكن أحيانًا يكون الثاني أقوى صوتًا من الأول فيغطي عليه ويختفي صوت الأول, فماذا تصنع؟ تباع الثاني؛ لأن الأول نسخه الثاني في الواقع, كشريط سجل عليه كلام آخر فتابع الثاني, الثاني سوف تبدأ معه من أول الأذان فلا يضرك متابعته.
لو سمع الإنسان أذانا مسجلًا هل يتابعه؟ لا؛ لأني لا أرى أن الأذان المسجل أذان, بل هو حكاية صوت مؤذن؛ ولهذا تجد الشريط المسجل قد سجل فيه أذان مؤذن قد مات منذ زمن بعيد فهذا لا يحصل به الفرض, ولا يجزئ عن الفرض, ولا يستحق أن يتابع؛ لأنه عبارة عن حكاية صوت لا يوجد مؤذن, هل يمكن لأحد أن مسجلًا إمامًا يقتدي به هل يجزئ أو لا يجزئ؟ لا يجزئ, فالأذان مثله.
فإذا قال قائل: هناك فرق هنا لا إمام بين يدي المأمومين, لكن الأذان المقصود به الإعلام وقد حصل؟