١٨٣ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «إن بلالًا أذن قبل الفجر, فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع, فينادي: ألا إن العبد نام». رواه أبو داود وضعفه.
الحديث - كما قال أبو داود - ضعيف, لكن على تقدير صحته معناه: أن بلالًا رضي الله عنه أذن قبل الفجر, ومعلوم أنه إذا أذن قبل الفجر فسوف يغتر الناس بأذانه, فإن كانوا صومًا امتنعوا عن الأكل والشرب, وإذا كانوا غير صوم صلوا الصلاة لغير وقتها, فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويعلم الناس أنه أخطأ, وهذا مفهوم من قوله: «ألا إن العبد» - يعني: نفسه بلالًا - يعني: أنه غلبه النوم, وقام ولم يتحر الوقت, وليس على ظاهره أن العبد نام, يعني: لو كان على ظاهره لكان يؤخر الأذان؛ لأن النائم لا يستيقظ, لكن معنى أنه نام فقام دون أن يتحرى الأذان فأذن, فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع؛ ففي هذا الحديث - على تقدير صحته - أن المؤذن إذا أذن قبل الوقت فإنه يلزمه أن يخبر الناس بأنه أذن قبل الوقت, ولكن هل يقول هذا اللفظ الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم بلالًا؟ لا, لأنه قد يكون المؤذن حرًا ليس عبدًا والمقصود أن يعلم الناس.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن ينتظر حتى يطلع الفجر ثم يؤذن ثانية؟
الجواب: لا؛ لأنه إذا أذن قبل الوقت فسوف يقوم بعض الناس ويصلي, فلابد أن ينبه على خطئه مبكرًا حتى يعرف الناس أنه أذن قبل الوقت.
ففي هذا الحديث فوائد منها: أن الرجوع إلى الحق واجب, إذا أخطأ الإنسان في أي شيء وتبين له الحق وجب عليه الرجوع إليه.
ومن فوائده أيضًا: أنه يجوز للإنسان أن يعبر عن نفسه بالوصف الذي يدل على الغباوة لقوله: «ألا إن للعبد نام» , وغالبًا أن يكون العبيد فيهم غباوة وعدم معرفة تقدير الأمور.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا أذن قبل الوقت وجب عليه إعلام الناس أنه أذن قبل الوقت؛ لئلا يغتروا بالإمساك عن الأكل والشرب إن كانوا صائمين, أو بتقديم الصلاة إن كانا يريدون الصلاة, هذا إذا صح الحديث, أما إذا لم يصح الحديث فإننا نرجع إلى القواعد العامة, وهو أن الإنسان إذا أخطأ وجب عليه أن يصحح الخطأ بأي وسيلة سواء بهذا اللفظ أو بغيره حتى لا يغتر الناس بذلك؛ لأننا لو قلنا: اصبر وإذا دخل الوقت فأذن ثم فعل, صار الناس سوف يصلون مرتين, وربما يتهاونون ولا يصلون ويقولون: الإثم عليه هو الذي أذن وغرنا.