ثانيا: هل يشترط أن تكون المدة يوما وليلة، أم يجوز ما دام لابسا على العمامة فإنه يمسح عليها؟ المذهب أنه لابد أن تكون يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر قياسا على الخف، وقد علمتم أن هذا القياس لا يصح؛ لأنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث لا صحيح ولا ضعيف أنه وقت لمسح العمامة يوما وليلة أو ثلاثة أيام، ثم إن القياس أيضا غير تام لاختلاف الأصل والفرع، على هذا نقول: البس العمامة متى شئت وامسح عليها متى شئت.
ثالثا: هل يشترط في العمامة شرط فوق كونها مطلق عمامة؟ المذهب: نعم، لابد أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة، فالمحنكة أن يدار منها لية تحت الحنك، أو ذات ذؤابة من الخلف؛ حجتهم في ذلك قالوا: لأن الحكمة من جواز المسح على العمامة مشقة النزع، وهذا لا يتحقق في عمامة وضعت على الرأس دون أن تكون محنكة، لكن المحنكة يصعب على الإنسان نزعها، أما ذات ذؤابة فلأن هذه العمامة المشهورة عند العرب وفاقدتها لا تسمى عمامة، ولكن هذا فيه نظر، والصواب أنه يجوز أن نمسح على العمامة الصماء التي ليست ذات ذؤابة، ولا محنكة.
أما الأول فنقول: أين الدليل على أنه لابد أن تكون محنكة، والتعليل بأنه لمشقة النزع؟
يقال: إن هذا لا يقاس على الخف؛ لأن أصل تطهير الرأس مخفف، ثم إنه قد يشق على الإنسان ليمسح الرأس؛ لأن بعض العمائم يكون لياتها كثيرة فلو نزعها بقي وقتا يرد طيها.
وثانيا: أن هناك أذى؛ لأن العمامة لابد أن تكسب الرأس حرارة فإذا كشفها أو نزعها ليمسح الرأس في أيام الشتاء خاصة، فإنه يتأذى بذلك وربما يتضرر؛ لأنه سيقابل رأسه برودة.
فالصواب - إذن-: أنه لا يشترط في العمامة أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة، وأما كون هذه عمائم العرب فإن سلم هذا فالنصوص جاءت مطلقة بدون تقييد.
فإن قال قائل: وهل تجيزون المسح على الطاقية والغترة؟ فالجواب: لا؛ لأنها لا تسمى عمامة، وليس فيها أدنى مشقة، لكن هناك شيء لا يقاس على العمامة وهو القبع الذي يلبس على الرأس في أيام الشتاء، وهو قبع من صوف أو من قطن يلبسه الإنسان على رأسه ويكون له فتحة للوجه وطوق على العنق، فهذا لا شك أن المسح عليه جائز وهو أولى بجواز المسح من العمامة؛ لأن هذا يشق على الإنسان أن يخلعه، وهو أيضا أشد ضررا على الرأس من خلع العمامة؛ لأنه يستعمل غالبا في أيام الشتاء.
فإن قال قائل: وهل تجيزون المسح على الرأس إذا كان ملبدا بالصمغ والعسل وما أشبه ذلك؟