"في الركاز الخمسة" على من؟ على من وجده، وإذا أوجب الشارع فيه الخمس دل ذلك على أن أربعة الأخماس لواجده، وهو كذلك إلا من استأجر لإخراجه، فإنه يكون لمن آجره يعني: مثلًا رجل استأجر عملًا يحفرون له هذه الأرض؛ لأن فيها كنزًا، فحفروه فوجدوه، فهل له ولهم، أو لمن استأجرهم؟ الثاني، لأنهم حفروه بالوكالة عنه.
وظاهر الحديث أنه لا يكون للمالك الأول، تفرض هذه الأرض منتقلة من زيد إلى عمر إلى خالد ووجده خالد فهو لخالد.
العلماء متفقون على أن الواجب الخمس كما في الحديث، لكن أين يصرف؟ قالوا: إن كانت له لبيان الحقيقة التي يراد بها بيان مقدار الواجب فمصرفه لأهل الزكاة، ومن ثم أدخله المؤلف في باب الزكاة فصرف مصرف الزكاة وينبني على ذلك أنه لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة وهو المسلم الحر، ولا يجب الخمس إلا إذا بلغ النصاب، وإلا إذا كان مما تجب في عينه، أو ملكة الإنسان بنية التجارة، فتجب الزكاة في قيمته أما على قول من يقول: إن "أل" هنا للعهد، والمراد به:"الخمس" الذي يصرف مصرف الفيء، فقالوا: إن الخمس هذا لا يعطى أهل الزكاة، ولكن يعطى بيت المال.
وقالوا: ولا يشترط أن تكون مما تجب الزكاة فيه حتى لو وجد ركازا من خزف أو من زجاج أو من حديد أو من أي شيء وجب فيه الخمس، قالوا: ولا يشترط أن يبلغ النصاب؛ لأن هذا ما هو خمس زكاة ولكن خمس فيء فيجب في الكثير والقليل.
قالوا: ولا يجب أن يكون واجده من أهل الزكاة فيجب الخمس، ولو كان الواجد كافرًا أو كان عبدا لكن تجب على سيده لماذا؟ لأن هذا ليس من باب الزكاة.
قالوا: ولا يشترط أن يتم عليه الحول فيجب الخمس بمجرد ما يجده في ذلك الوقت، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله على أن هذا الخمس فيء يصرف لبيت المال ويجب في قليل المال وكثيره، وسواء كان المال مما تجب الزكاة في عينه أم لا، وسواء بلغ النصاب أم لا، وسواء كان واجده ممن تجب عليه الزكاة أم لا حتى إذا لم يجد إلا خمسة ريالات وجب عليه ريال، واستدل هؤلاء بعموم قوله:"في الركاز" عام، وبأن الأمور المطلقة في لسان الشارع تحمل على المعهود الشرعي، والخمس عند الإطلاق يراد به: ما يصرف في بيت المال وهو الفيء، وهذا أحوط، لأنك إذا تأملت هذا وجدته أحوط، إذ إنه يوجب الخمس في القليل والكثير وفي أي نوع من المال وأيا كان الواجد.