للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث عبد الله بن زيد فائدة زائدة على ما سبق، وهي: أنه جهر فيهما بالقراءة، وإذا تدبري هدي النبي- عليه الصلاة والسلام- وجدت أن الصلاة النهارية قراءتها سرية إلا في الاجتماع العام كصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء؛ لأنها تجمع كل الناس، فكان الرسول يجهر فيها.

٤٨٩ - وللدرقطني من مرسل أبي جعفر الباقر: "وحول رداءه ليتحول القحط".

"الباقر" وصف بذلك رحمه الله؛ لأنه كثير العلم، كأنه بقر العلم وأدركه وغاص إلى غوره، وقوله: "حول رداءه ليتحول القحط" هذا بيان حكمة التحويل، لكن كيف يكون له أثر في تحول القحط، تحول الرداء ليتحول القحط؟ قال أهل العلم: إن هذا من باب التفاؤل على الله عز وجل والنبي- عليه الصلاة والسلام- كان يحب الفأل يكره التشاؤم. فهذا من باب التفاؤل على الله تعالى أن يقلب حالنا مما هي عليه الآن إلى حال أخرى.

وفيه أيضًا فائدة ثانية: وهو أنه لما كان اللباس نوعين لباس التقوى ولباس الزينة وستر العورة، كأنك حينما قلبت لباس الزينة وستر العورة تعبر بأنك سوف تلتزم بقلب الناس- لباس التقوى- من المعصية إلى الطاعة؛ لأن ما أصاب الناس من المصائب- ومنها: القحط: فهو إنما يكون من معاصيهم، فكأنك تشير إلى أنك ملتزم بأن تقلب لباس الدين من لباس المعصية إلى لباس الطاعة، ويكون في هذا فائدتان.

أما بالنسبة لنا فإن الفوائد ثلاث:

أولًا: إتباع السنة والاقتداء بالرسول- عليه الصلاة والسلام-، وهذا كاف عن كل حكمة.

وثانيًا: أن نتفاءل على الله عز وجل أن يقلب حالنا من الشدة والقحط إلى الرخاء والخصب.

والثالث: أننا نقلب لباسنا الظاهر إشعارًا بأننا ملتزمون بأن نقلب لباسنا الباطن وهو لباس التقوى الذي قلبه أهم.

وعلى كل حال: كل إنسان قد عاهد الله بالمعنى العام أن يقوم بطاعته، فإن كل إنسان يشهد بفطرته أن الله رب وأنه عبد، ومقتضى هذه الشهادة الذل له والتعبد بما يؤمر به من العبادة هذا عهد عام؛ ولهذا قال الله لبني إسرائيل: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة: ٤٠]. {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضًا حسنًا} هذا جانب من العهد، ما الجانب الآخر؟ {لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار} [المائدة: ١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>