جعلها الله تعالى في سورة التحريم خائنة لزوجها؛ لأنها تظهر الإسلام، وهي مبطنة للكفر، فعلى هذا نقول الآية:{غير بيتٍ من المسلمين} لأن البيت يشمل هذه المرأة وهي غير مؤمنة لكنها مسلمة.
وقوله:"للمؤمنين والمؤمنات" أي: الإناث، واعلم أنه إذا أطلق الجمع، جمع الذكور شمل الإناث وأكثر ما تكون الأحكام معلقة بمن؟ بالذكور، لكن يدخل النساء تبعًا، وربما تعلق بالإناث فيختص الحكم بهن، وربما تعلق بالإناث فيكون الحكم عامًا لهن ولغيرهن، فقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وإن كان القذف معلقًا بالنساء فهو شامل للرجال.
الحديث هنا مطلق ما بين أنه في الصلاة أم في الخطبة، لكن الظاهر أنه في الخطبة؛ لأنها هي التي تسمع ويؤمن عليها، فالظاهر أنها في الخطبة، ولكن يقول المؤلف:"رواه البزار بإسناد لين"، وما معنى لين؟ اللين ضد القوي، فهو في مرتبة بين الضعف والحسن، إلا أنه غالبًا للضعف أقرب، وهذا الحديث أخذ به الفقهاء - رحمهم الله - واستحبوا للإنسان أن يدعو للمسلمين في الخطبة وقالوا: إن هذا محل إجابة دعاء أو ترجي فيه الإجابة، وقال بعض أهل العلم: إن الدعاء في الخطبة واجب، وأنه يجب أن يدعو في الخطبة للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، واستدلوا بأن هذا الحديث:"كان يفعل" كذا يشعر بالدوام، وما داوم عليه النبي - عليه الصلاة والسلام - فإنه واجب ولكن الصحيح أنه ليس بواجب أولًا: لأن هذا الحديث - كما رأيتم - ضعيف.
الشيء الثاني: أنه تقدم لنا أن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب، غاية ما هنالك أنه يدل على المشروعية إن كان عبادة، وعلى الإباحة إن كان غير عبادة، وقوله:"يستغفر للمؤمنين في كل جمعة" إذا قلنا بالاستحباب، كما قال الفقهاء - رحمهم الله - فإنه لا ينبغي أن يداوم عليه مداومة تلحقه بالواجب؛ لأن العامة يظنون أنه واجب، حتى إن بعض العامة الآن يظنون أنه يجب أن تختم الخطبة الأولى بقوله:"أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم"، ولو ختمها أحد بسوى ذلك لاستنكروا، ويرون أنه يجب أن تختم الثانية بقوله تعالى:{إن الله يأمر بالعدل والإحسن}[النحل: ٩٠]. فمن أجل هذا ينبغي للخطيب ألا يلتزم بهذا الدعاء بل أن يدعه أحيانًا، بل إنه ليس بسنة بهذا الخصوص بأن يقرأ هذه الآية:{إن الله يأمر بالعدل والإحسن} أو أن يقول: "أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم"، ليس بلازم إنما ينبغي أن يدعو، وهل ينبغي أن يدعو لولاة الأمور في هذا المقام؟ نعم، من باب أولى، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله قال: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان؛ لأن بصلاحه صلاح الأمة، وهذا صحيح، ولكن ينبغي أن يستشعر الداعي إذا دعا