إحدى الروايتين، هذه الصورة كما قلنا هي الموافقة لظاهر القرآن في قوله: } فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم {[النساء: ١٠٢]. ومن قوله في الطائفة الثانية: } ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك {[النساء: ١٠٢]. أما الطائفة الأولى فما أدركت الصلاة كلها حقيقة وحكمًا؛ لأنه قال: } فلنقم طائفة {، والثانية أدركتها حقيقة وحكمًا؛ لأنه قال: } فليصلوا معك {، ولأن الطائفة الثانية كبرت مع الإمام وسلت مع الإمام، والطائفة الأولى كبرت مع الإمام وسلمت قبل الإمام.
حكم حمل السلاح في صلاة الخوف:
في القرآن ذكر الله عز وجل: } وليأخذوا أسلحتهم {، فيجب أخذ السلاح لهذه الصلاة، لا نصلي ونجعل أسلحتنا بالأرض، يجب أن نأخذ الأسلحة، وحمل السلاح هنا واجب أو سنة؟ وإذا قلنا بالوجوب فهل تصح الصلاة بدونه أو لا تصح؟ الصحيح: أنه يجب أو يستحب حسب الحاجة، وعند الشك نقول: الأصل في الأمر الوجوب فيجب الحمل، ثم هل تصح الصلاة بدونه أو لا؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة لا تصح بدونه، والصواب: أن الصلاة تصح بدونه، لأن هذا ما يعود إلى الصلاة وإنما يعود إلى الحذر، فليس له تعلق بالصلاة، ثم إن الله عز وجل قال في الطائفة الثانية: } فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم {، وفي الأولى قال: } وليأخذوا أسلحتهم {، وهنا أوجب أمرين: أخذ الحذر والأسلحة؛ لماذا؟ لأن في الطائفة الثانية قد يكون العدو عرف أنهم يصلون فتأهب للهجوم بخلاف الطائفة الأولى، فالعدو قد يكون غافلًا وهذا من براعة القرآن، ومن حكمة الله عز وجل في إرشاد عباده إلى ما فيه مصلحتهم وإلى الحذر من أعدائهم قال: } وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم {، ثم إن أهل العلم قالوا في هذا الباب يجوز أن يحمل السلاح ولو كان نجسًا للضرورة حتى لو فرض أن فيه نجاسة من دماء لم تغسل على القول بنجاسة دم الآدمي، أو لو كانت من جلود نجسة أو ما أشبه ذلك، لقد اختلفت الأسلحة الآن، ولكن على كل حال الذي يحمل منها يحمل، والذي لا يحمل لابد أن يكون عنده أحد حارس له وحارس للمقاتلين.
يستفاد من هذا الحديث: وجوب صلاة الجماعة، من أين تؤخذ؟ يعني: إذا كان أمر بها حال القتال فدونه من باب أولى.
ويستفاد من الحديث: حسن تدبير الرسول - عليه الصلاة والسلام - حيث قسم أصحابه إلى قسمين على الوجه المذكور.
ومن فوائده أيضًا: أن صلاة الخوف الركعة الثانية أطول من الأولى بخلاف سائر الصلوات فإن الركعة الأولى أطول من الثانية.
ومن فوائد الحديث: جواز الانفراد للحاجة، من أين تؤخذ؟ من أن الطائفة الأولى انفردت،