للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم". هذا الحديث صورته: قسمهم النبي - عليه الصلاة والسلام - إلى قسمين، ولابد أنه أعلمهم بذلك قبل أن يصلي وإلا ما عرفوا كيف يتصرفون، طائفة وجاه العدو تحجزه أن يهجم عليهم وطائفة أخرى تصلي معه صلت معه ركعة كاملة، ولما قام بقي قائمًا - عليه الصلاة والسلام - والذين معه أتموا لأنفسهم، يعني: ركعوا وسجدوا وتشهدوا وسلموا، وانصرفوا، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وحده في هذه الحال هل هو إمام أو لا؟ الآن ما معه أحد ثبت قائمًا ولابد أنه يقرأ؛ لأن الصلاة ليست فيها سكوت فلابد أن يقرا، لكن ما نعرف ماذا قرأ، فجاءت الطائفة الأخرى التي كانت وجاه العدو إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم فكبروا ودخلوا معه وركعوا معه وسجدوا معه حتى جلس للتشهد وهم قاموا وهو باق على جلوسه، ثم قرءوا وركعوا وسجدوا وجلسوا للتشهد مع الرسول - عليه الصلاة والسلام -، ثم بعد ذلك سلم بهم.

انظر العدل في الإسلام الطائفة الأولى أدركت معه تكبيرة الإحرام، والطائفة الثانية أدركت معه التسليم، فكان ذلك من تمام العدل، والنبي - عليه الصلاة والسلام - أراد منهم أن يكونوا جماعة واحدة وإلا فإمكانه أن يقول: أنتم في هذا الوقت احرسوا وأنتم صلوا معي، ويقول للحارسين في الوقت الثاني: صلوا معي، وأولئك يحرسون، لكن من أجل أن يشعروا بأنهم أمة واحدة وطائفة واحدة جعلهم النبي - عليه الصلاة والسلام - ينقسمون هذا الانقسام وإن حصل فيه شيء من المخالفات لكنها تغتفر من أجل المصلحة والاجتماع.

شروط هذه الصفة:

هذه صفة هذه الصلاة، فإذا قال قائل: ما شرط هذه الصلاة؟ قلنا: شرطها ألا يكون العدو في جهة القبلة، فإن كان العدو في جهة القبلة ما نصلي هذه الصلاة، نصلي بصفة أخرى ستأتينا - إن شاء الله تعالى - قريبًا، وأما إذا كان العدو يمينًا أو يسارًا، أو خلفًا في هذه الجهات الثلاث فنصلي هذه الصلاة، هذه الصفة توافق ظاهر القرآن؛ ولهذا قال الإمام أحمد في صلاة الخوف، أنها جائزة على جميع الوجوه التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "وأما حديث سهل - يعني: ابن أبي حثمة - فأنا أختاره إنما اختاره رحمه الله من أجل موافقته لظاهر القرآن: } وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم {[النساء: ١٠٢].

يقول: "ووقع في المعرفة لابن منده، عن صالح بن خوات، عن أبيه"، الآن تعارض عندنا تعيين مسلم وتعيين ابن منده، فأيهما يقدم؟ الجمع الآن ممكن فنقول: رواه عن صالح، وعن أبيه، فحينئذٍ يكون الجمع غير متعذر، وكلما أمكن الجمع فهو أولى؛ لأننا إذا رجحنا فمعناه: إلغاء

<<  <  ج: ص:  >  >>