أن يتقي الوجه، لأن الوجه مجمع المحاسن وفيه ما هو أرق الأشياء كالعينين فيكون ضربه أشد من ضرب الظهر أو ضرب الصدر أو ضرب العضد أو ضرب الفخذ، وقوله:"فليتق الوجه" ورد في أحاديث أخرى غير هذا أن الله تعالى خلق آدم على صورته، يعني على صورة الوجه؟
لا، لا يستقيم لأنه لو كان كذلك لكن كل المخلوقات خلقت على صورة وجهه، ولكن على صورة الرحمن عز وجل وقد أنكر بعضهم حديث الصورة وقال: إنه لا يصح وإنه منكر؛ لأنه لو كان كذلك، لزم أن يكون الله تعالى مماثلاً للخلق! خلق آدم على صورته وإذا كان هذا اللازم باطلاً فالملزوم باطل. وذهب بعضهم إلى تأويله بتأويلات مستنكرة بعيدة.
وقال بعض العلماء: إما أن يبقى الحديث على ظاهره ويقال: إن الله خلق آدم على صورته، لكن لا يلزم من كونه على صورته أن يكون مماثلاً له بدليل أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ومع ذلك فليست مماثلة له، وقال آخرون: على صورته كقوله: ناقة الله وبيت الله وما أشبه ذلك أي: على صورته التي اختارها عز وجل لهذا البشر الذين منهم الأنبياء والأولياء والأتقياء فاعتنى -سبحانه وتعالى- بهذا الوجه أو بهذا الإنسان فأضافه إلى نفسه ويكون هذا من باب إضافة التشريف وهذان القولان هما اللذان يتوجهان في الحديث، أما ما سواهما فهو باطل.
في هذا الحديث دليل على فوائد: منها: وجوب اتقاء الوجه عند المقاتلة، ويتفرع على هذا جواب سؤال، سألني عنه بعض الإخوة اليوم وهو ما يسمى بالملاكمة والمصارعة سألني عن الملاكمة والمصارعة هل تجوز؟
فقلت: أما المصارعة فهي جائزة بشرط ألا تكون على عِوض يعني: بشرط ألا يقول أحدهما للآخر: إن غلبتك فعليك كذا وكذا والعكس، أما الملاكمة فلا تجوز، لأنها خطيرة وأخبرني هو أن الملاكمة من قواعدها: أن يكون الضرب على الوجه خاصة.
إذن لا تجوز فهي محرمة من وجهين: أولاً: أنه يقصد بها الوجه قصداً أولياً وقد نهي عن ذلك، والثاني: أن فيها خطر لو ضرب هذا الملاكم أخاه على صدره أو على كبده أهلكه لاسيما وأنهم كما وصف يضربون بشدة وكأنهم يريدون أن يقفز بعضهم على بعض إذن فهي خطيرة.
ومن فوائد الحديث: أن الوجه هو جمال الإنسان، ولهذا أمر باتقائه عند المقاتلة، يتفرع من