للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: ما دواء الغضب؟

قلنا: له أدوية أولاً: أن يكون الإنسان قوياً يغلب نفسه ولا تغلبه؛ دليل هذا إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.

ثانياً: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي رآه غاضباً قال: "إني أعلم كلمة لو قالها، لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

ومناسبة الاستعاذة عند الغضب ظاهرة جداً، لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم.

ثالثاًً: أن يتوضأ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الغاضب أن يتوضأ ووجه ذلك أن الوضوء فيه تبريد الأعضاء وفيه أن الإنسان يشتغل عن الغضب بعمل وهو الوضوء ربما يكون محتاجاً إلى أن يأتي بالماء ويقرب الإناء وغير ذلك، وهذا الاشتغال يبرد عليه الغضب فصار الوضوء يبرد الغضب من وجهين: الوجه الأول: ببرودته فيبرد الأطراف والأعضاء التي تكاد تنفجر من الغضب، والوجه الثاني: أنه يوجب اشتغال النفس بهذه الأعمال فيهدأ الغضب.

رابعاً: إذا كان قائماً فليجلس وإذا كان جالساً فليضطجع هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأنه إذا تغير حاله هدأ غضبه، وأحياناً ترى الإنسان إذا غضب وهو جالس من شدة الغضب يقوم فيقال: إذا غضبت وأنت واقف فاجلس إن هدأ الغضب فذاك وإلا اضطجع، ولا شك أن الإنسان إذا فعل ذلك سوف يزول الغضب، لأن هذه الحركات توجب اشتغال النفس عن تنفيذ الغضب هذه أشياء جاءت بها السنة.

هناك شيء آخر وهو مغادرة المكان، يعني: إذا غضبت على أهلك فاخرج من البيت حتى يهدأ الغضب، وكم من إنسان إذا بقي في مكانه يخاصم ويضاد فإنه لا يزداد بذلك إلا غضباً لكن إذا انصرف وترك المكان هدأ غضبه.

من فوائد الحديث: حكمة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يوصي كل إنسان بما يليق بحاله.

ومن فوائده: أنه ينبغي للمجيب أن ينظر إلى حال السائل فيخاطبه بما يليق بحاله، الإنسان العامي تخاطبه بماذا؟ بلغة عامية واضحة ليس فيها تعقيد لو سألك سائل عامي قال: ما تقول فيمن أكل لحم إبل أيصلي بلا وضوء أم لابد أن يتوضأ؟ فقلت لا، لابد أن يتوضأ هل من المستحسن أن نقول: لابد أن يتوضأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا من لحوم الإبل" وقد اختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>