ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للقائد المحاصر للحصن إذا أرادوا أن ينزلوا على حكمه أن يجعل لهم ذمة الله وذمه رسوله، يعني: عهد الله وعهد الرسول، لأنه ربما تخفر الذمة وخفر ذمم الإنسان أهون من خفر ذمة الله ورسوله.
فإن قيل: إذا كان الإنسان واثقًا من الوفاء فما الجواب؟
أقول: وإن كان واثقًا فإن إخفار الذمة وارد، قد يكون بسبب مباح لكن العدو لا يعلم فيظنه غادرًا فيغدر أمام العدو بذمة الله وذمة رسوله أو يقال: الإنسان بشر يمكنه عند عقد العهد واثقًا من الوفاء لكنه يطرأ عليه الغدر والخيانة، فلذلك نقول: لا يجوز أن تجعل لهم ذمة الله وذمه رسوله (صلى الله عليه وسلم).
ومن فوائد الحديث: أن الأحكام معللة يعني: أنها ليست مجرد حكم بل لا بد لها من علة إما أن تكون معلومة أو مجهولة أو منصوصًا عليها أو غير منصوص، فالأقسام أربعة: علة معلولة منصوص عليها وعلة معلومة مستنبطة، والثالث: علة مجهولة لنا لكنها معلومة عند الله (عز وجل) الرابع: أن تكون مجرد امتحان للعباد والمعلومة يمكن أن نقسمها إلى معلومة عند جميع الناس ومعلومة عند بعض الناس.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمتكلم في الفقه أو الموعظة أن يعلل ما يذكر من أحكام مهما أمكن، لأن ذلك يستفاد منه فائدتان: الفائدة الأولى: بيان سمو الشريعة الإسلامية، , أن أحكامها كلها مركودة بالمصالح، والثانية: اطمئنان المكلف؛ لأنه إذا ذكر لك الحكم المعلل أطمأنت أكثر، وربما نزيد ثالثة: وهو القياس على الحكم المنصوص عليه المعلل، لأن الأحكام تتبع العلل، مثال ذلك قوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحى إلى محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس) [الأنفال: ١٤٥] علل تحريم هذه الأشياء بأنها رجس، إذن نأخذ من هذا: أن كل ما كان رجسًا فهو حرام حتى روث الحمير مثلاً وعزره الإنسان فهي حرام، لأنها رجس.
ومن فوائد الحديث: جواز اشتراك الحكم الثابت لله ورسوله بدون"تم" لقوله: "ذمه الله وذمه رسوله"، وهذا يحتاج إلى تفصيل، فيقال: في الأمور القدرية لا تشرك الله مع رسوله بما يقتضي الاشتراك والتساوي في الأمور الشرعية لا بأس، وذلك لأن ما شرعه الرسول (صلى الله عليه وسلم) فهو شرع الله أما الأمور القدرية فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يستقل بشيء من الأمور القدرية فهي لله وحده هذا هو الضابط.
ومن فوائد الحديث: إثبات تفاضل الأعمال قبحًا وحسنًا ومن قوله: "أهو من أن تخفر دمه الله وذمه رسوله" وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الأعمال تتفاضل قبحًا وحسنًا وإذًا