على عرضهم وغير ذلك فإن قيل: إنها عقوبة على بقائه على الكفر فإننا نقفز منها إلى فائدة ثانية، وهي: جواز العقوبة بالمال والعقوبة بالمال ثابتة لا شك فيها منها: ما سبق في تحريق رحل الغال، ونمها: إضعاف القيمة على من كتم الضالة، ومنها: إضعاف القيمة على من سرق من الثمر المعلق قبل أن يئويه الجرين.
المهم: أن القول الراجح أنه يجوز التعزيز بأخذ المال ولكن لو قال قائل: التعزيز بأخذ المال لأنه يستفاد منه أن نأخذ المال ونجعله في بيت المال، لكن كيف تعزرون بإحراق المال أو بكسر آلات اللهو أو ما أشبه ذلك؟ يقال إن التعزيز هو التأديب فإذا كان التغزيز بالإحراق أو بالكسر كان هو الواجب ونحن أتلفنا هذه المالية على صاحبها إذن نتلفها على بيت المال، لأنه عام فإذا جاز إتلافها على الأخص جاز إتلافها على الأعم وهذا هو القياس.
ومن فوائد الحديث: استحضار الاستعانة بالله (عز وجل) عند قتال الكفار لقوله: "فاستعن عليهم بالله وقاتلهم" والاستعانة بالله تكون بالقلب وتكون باللسان أما بالقلب فواضح أن الإنسان يستعين الله (عز وجل)، وأما باللسان فيقول: اللهم أعني عليهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إنا نقاتلهم فيك، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يتوسل بها الإنسان إلى ربه (عز وجل) في الدعاء المفيد للاستعانة.
ومن فوائد الحديث: جواز محاصرة العدو، بمعني: أن نحيط به ونطوقه، لكن هل يجوز في محاصرته أن نقطع عنهم الماء؟ إذا كان هذا مصلحة قطعناه، إذا كان أقرب إلى إجابتهم فإننا فننا نقطع الماء عنهم.
فإن قال قائل: قطعكم الماء يستلزم هلاك الصبيان والنساء والشيوخ ومن لا يجوز أن يقتل.
قلنا: هذا اللازم يكون تبعًا غير مقصود، فإننا لم نقصد بذلك هلاك هؤلاء الذين لا يقاتلون وإنما قصدنا قتل هؤلاء المقاتلين وجاء هلاك تبعًا غير مقصود، ولهذا يجوز أن نرمي العدو بالمنجنيق، وهو- فيما سبق- عبارة عن خشبتين تنصبان وثالثة تكون عرضًا ويكون هناك حبلان طرفهما في مكان يجعل فيه الحجر ثم يدار بشدة، إذا دير بشدة ثم يطلق فإن الحجر سوف ينطلق ويكون على حسب قوة الرامي على كل حال، المنجنيق بدله الآن المدفع والصواريخ يجوز أن نفعل هذا بالكفار وإن قتلنا من لا يحل قتله، لأن هذا غير مقصود بل هو تبع ولأننا لا يمكن أن نصل إلى المقصود إلا بهذه الطريقة ويمكن أن يستدل لذلك بإغارة النبي (صلى الله عليه وسلم) على بني المصطلق، لأنه إذا أغار عليهم سوف يكون عندهم نساء وربما يقتلون نساء أو أطفالاً.