للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وفي رواية: "ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني ... ". وذكر مثله وفي آخره: "ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعًا". رواه مسلم.

يقول جابر: "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم والعدو بيننا وبين القبلة"، الجملة هذه حالية من فاعل غزونا، والفاعل هو "نا"، وقوله: "فكبر ... إلخ" يعني: تكبيرة الإحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلمهم بأن يفعلوا ما ذكر كبروا جميعًا وصفوا صفين، وكبروا جميعًا وهم يشاهدون العدو، ثم ركعوا جميعًا، ثم رفعوا من الركوع جميعًا، كل هذا ليس فيه محذور عليهم؛ لأنهم يشاهدون العدو، ولكن عند السجود لو سجدوا جميعًا عدا عليهم العدو، لكن الرسول - عليه الصلاة والسلام - جعلهم على قسمين؛ انحدر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود وانحدر الصف الذي يليه معه، وأما الثاني فظل واقفًا في نحر العدو، فلما قضى السجود قام الصف الذي يليه يعني قام هو والصف الذي يليه، فلما قاموا انحدر الصف المؤخر بالسجود؛ لأنهم ما سجدوا، ثم لما قاموا تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم مراعاة للعدل حتى لا تكون الطائفة الأولى هي الصف الأول في كل الصلاة، في الركعة الثانية قاموا جميعًا وركعوا جميعًا ورفعوا جميعًا، وسجد النبي صلى الله عليه وسلم هو والصف الذي يليه، وبقي هؤلاء قيامًا، ولما جلس النبي صلى الله عليه وسلم للتشهد انحدر الصف المؤخر القائم للسجود فسجد سجدتين وجلس ثم سلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم.

شروط هذه الصفة:

فهذه الصفة تجوز أيضًا، لكن اشترط العلماء لجوازها شرطين:

الأول: أن يكون العدو تجاه القبلة.

والشرط الثاني: ألا يخافوا كمينا يأتيهم من الخلف، فإن خافوا كمينًا يأتيهم من الخلف يرجعون إلى الوجوه الأخرى، إنما إذا تم الشرطان فإنهم يصلون هذه الصلاة، وهذه الصلاة كلنا نعلم أن الجماعة كلهم شاركوا النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وفي التسليم، اختلفوا في المكان - تعاقبوه - صار الذين في الصف الأول رجعوا إلى الصف الثاني، والعكس في الركعة الثانية.

* هذه الصفة يستفاد منها فوائد:

الفائدة الأولى: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على العدالة بين أصحابه.

الفائدة الثانية: أنه كلما أمكنت المتابعة فهي الواجبة، وجهه: أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - جعلهم يقومون جميعًا ويركعون جميعًا، ويرفعون جميعًا، ولم يدع المتابعة إلا في حال الضرورة، فدل هذا على وجوب متابعة الإمام كما دلت عليه الأحاديث الأخرى، مثله قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ...... إلخ". فالمتابعة واجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>