والمواشي والدراهم والدنانير، ولهذا سمِّي العبيد والإيماء غررًا وقوله:"عبد" ووليدة تفسير لقوله: "غرة" و"أو" هنا الظاهر أنها للتخيير وليست للشك، فيخير من عليه الغرة بين هذا وهذا، وقضى بدية المرأة على عاقلتها قضى بدية المرأة المقتولة على عاقلة المرأة القاتلة، والدية هي ما يجب بإزهاق النفس المحترمة وهي مائة من الإبل، هذا هو الأصل، أو ما يقوم مقامها من البقر والغنم والدراهم والدنانير وقد سبق بيان ذلك وقوله "على عاقلتها" جمع عاقل، وهم ذكور العصبة من ولاء أو نسب وسمّوا عاقلة لأنهم يأتون الإبل التي هي الدية ويعقلونها عند باب أهل القتيل هذه عادتهم في الجاهلية فسموا عاقلة من عقل الإبل وورثها ولدها ومن معهم ورثها؛ أي: ورث الدية ولدها أي ولد المقتولة ومن معهم وهو زوجها لأن الدية عوض عن النفس فإذا كانت عوضًا عن النفس فإنها تنتقل مع مال المقتول كما أن مال المقتول يرثه ورثته، فكذلك الدية تعتبر من المال فقال:"حمل ابن النابغة الهذلي كيف يغرم من لا يشرب ولا أكل؟ ! " يشير إلى الجنين لأن الجنين الذي سقط ميتًا فيقول: "كيف يغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق؟ " يعني: بلسانه، "ولا استهلَّ"، أي: لم يبك "فمثل ذلك يطل" أي: يهدر ولا يكون له قيمة، لأنه ليس بحي؛ حيث إنه لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فلا يكون له قيمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما هذا" المشار إليه حمل ابن النابغة من إخوان الكهان أي من نظرائه كما قال تعالى: {إنَّ المبذّرين كانوا إخوان الشياطين}، ليس معناه كانوا إخوان الشياطين في النسب؛ لأنهم ليس بينهم وبين الشياطين نسب لكنهم من أشباه الشياطين، فقوله:"من إخوان الكهان"، أي: من نظرائهم وأشباههم، لأن الكهان يستعملون السجع في تذييل كلامهم ليموهوا به على الناس، والكهان جمع كاهن وهو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وكان الكهان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرين تنزل عليهم الشياطين بخبر السماء فيصدقون خبرًا واحدًا صادقًا ويكذبون معه مائة كذبة ثم إذا جاء الخبر الصادق من هذه المائة كذبة اعتبرهم الناس من علماء الغيب فصاروا يرجعون إليهم، فكانوا إذا كلموا الناس يكلمونهم بالسجع تذييلًا للكلام لأنه لا شك أن السجع يزين الكلام ويعطيه حلاوة وطلاوة، هنا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن دية الجنين غرة وأما دية المقتولة فهي دية كاملة دية الحر المسلم مائة من الإبل ودية المرأة الحرة المسلمة خمسون من الإبل.
ففي هذا الحديث فوائد: منها: بيان ما يكون بين الضرتين من العداوة والبغضاء وإيغار الصدور؛ لأن هاتين المرأتين كانتا تحت رجل واحد زوجتين له، وهذا أمر معلوم فطري أنه يكون بين الزوجتين من العداوة والبغضاء وإغارة الصدور ما هو معلوم حتى إن كمل النساء لم يسلمن منه- زوجات النبي صلى الله عليه وسلم- ومنها أن الغيرة قد تؤدي إلى القتل كما هنا.