ومن فوائد الحديث: أن القتل بالمثقل لا يوجب القصاص لأن الذي يوجب القصاص هو الذي يكون جارحًا أما ما قتل بثقله فإنه لا يوجب القصاص وإلى هذا ذهب أبو حنيفة رحمه الله وقال إن الآلة إذا كانت لا تجرح فليس فيها قصاص ولو كانت ثقيلة ولو كانت تقتل وأنه يشترط في القصاص أن يكون بجارح ولكن جمهور العلماء على خلافه على أن القتل يكون بكل آلة تقتل غالبًا ولا فرق بين الجارح وبين المثقل.
وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأن الحجر الذي أرسلته على هذه المرأة حجر ثقيل لا يقتل غالبًا لكنه أصاب بطنها فأجهضت وماتت بسبب الإجهاض في غير وقته وما ذهب إليه الجمهور أقرب إلى الصواب، لأن العلة واحدة وهي أن الآلة تقتل غالبًا سواء كانت جارحة أو غير جارحة.
ومن فوائد الحديث: أن دية الجنين غرة عبد أو وليدة والمخير في ذلك من يغرم وهو القاضي فإذا أتى بعبد لزم أولياء الجنين قبوله وإذا أتى بأمة لزمهم قبوله ولكن إذا لم توجد الأمة أو العبد فإنه يرجع إلى خمس من الإبل يعطي أولياء الجنين خمسًا من الإبل عشر دية الأم، فإن لم يوجد إبل فإنهم يعطون قيمة الإبل إن قلنا: إن الإبل هي الأصل في الديات وإلا يعطون عشر دية الأم من البقر ومن الغنم ومن الدراهم والدنانير، وقد سبق أنها من البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفا شاة فيكون من البقر دية الجنين عشرة وتكون من الغنم مائة وهنا ينبغي أن نبين الأقسام الجنين الذي يموت بجناية على أمه ينقسم إلى أقسام:
الأول: أن يموت معها أي تموت وهي وولدها قبل أن يخرج فهذا لا شيء فيه، وإنما الدية في الأم أما هو فلا دية له لأنه كعضو من أعضائها.
الثاني: أن يخرج حيًّا فيستهل ويعطس ويشرب ثم يموت متأثرًا بالجناية ففيه دية كاملة إن خرج بوقت يعيش لمثله هو ما بعد ستة أشهر، يعني: إنسان دفع امرأة حاملًا ولجنينها سبعة أشهر فسقط الجنين حيًّا حياة مستقرة ثم مات فعليه دية كاملة لأنه قتل نفسًا فيلزم الجاني دية كاملة.
الثالث: أن يخرج ميتًا.
الرابع: أن يخرج حيًّا في وقت لا يعيش في مثله ويموت ففي هذه الحال يكون فيه غرة وكل هذا في جنين نفخت فيه الروح.
فالأقسام أربعة أما إذا خرج قبل نفخ الروح فيه، فإن كان قد تبين فيه خلق الإنسان ففيه غرة، إذا خرج وإن ماتت الأم فلا شيء كما هو الحال فيما إذا كانت قد نفخ فيه الروح وإذا خرج قطعة لحم ولم يتبين فيه خلق الإنسان فليس فيه شيء، لأننا لا نتيقن أنه بدأ خلق آدمي،