للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: «الحديث» كيف نقرؤه؟ يعني: الحديث أو الحديث أو الحديث؟ يجوز النصب، يعني: اقرأ الحديث، ويجوز الجر، يعني: إلى آخر الحديث، لكن النصب هو المشهور، يعني: اقرأ الحديث، وإذا كان يريد المؤلف أن نقرأ الحديث فنقول: إن عمر لما رجع ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم أنه منع الصدقة ثلاثة رجال: ابن جميل واسمه عبد الله، والعباس بن عبد المطلب، وخالد بن الوليد ثلاثة، وكلهم حكم لهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يقتضيه العدل، فقال صلى الله عليه وسلم في ابن جميل: «ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله» يعني: ما ينكر إلا هذا وهذا ينكر أو يشكر؟ يشكر، ولهذا قال العلماء: إن هذا من باب تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهذا معروف في البلاغة إذن أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عليه أن يشكر الله على نعمته ويؤدي الزكاة قال: «وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً» انظر الدفاع العجيب، قال: «أما خالد فإنكم تظلمون خالداً» ولم يقل: تظلمونه، بل أظهر في موضع الإضمار تفخيماً له؛ لأنه ذكره باسمه أعظم وأفخم، «فقد احتبس أدرعه وأعتداه في سبيل الله» والذي يحتبس أدراعه وأعتداه في سبيل الله هل يمنع الزكاة، وهو يفعل التطوع؟ لا يمكن هذا إن لم ينقل/ أن الأعتاد والأدراع جعلها من الزكاة في سبيل الله، لكن الظاهر أنها وقف، لأنه قال: احتبس يعني فكأنه يقول: إن الذي يفعل التطوع لا يمكن أن يمنع الواجب، أما العباس فقال أكرم الخلق صلى لله عليه وسلم: «هي علي ومثلها» لماذا قال: هي على ومثلها؟ قيل: إن هذا عبارة عن تأجيل الزكاة، يعني: إذا منع أن يعطيكم هذه السنة فأنا أعطيكم زكاة هذه السنة وزكاة العام المقبل، ولكن الذي يظهر لي- والله أعلم- أن هذا من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من باب تعجيل الزكاة، وذلك أن العباس قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم «أما شعرت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه» الصنو: النخلتان في جذع واحد، كما قال تعالى: {صنوان وغير صنوان ... } [الرعد: ٤] العم والأب صنو؛ لأن أصلهما واحد، وهو الجد أنا أقول: إن ألتزام الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «على ومثلها» من باب الكرم من وجه، ومن باب إدلال قرابة الوالي من وجه آخر، العباس عم الرسول فإذا منعها فينبغي أن يضعف عليه الزكاة بأن يؤدي زكاتين لئلا يدل قرابة الوالي لقرابتهم له، وهذا ما يسمى عندنا في العرف الحاضر استخدام الوجاهة أو استخدام المنصب، يعني: بعض الناس يستخدم منصبه ووجاهته في الأمور من أجل أن يدفع اللوم عن نفسه، أو من أجل أن يأخذ من الناس ما يأخذ، ونظير هذا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا نهى الناس عن شيء جمع آل الخطاب وقال لهم: «إني نهيت الناس عن كذا وكذا، فوالله لا أرى أحدا فعله إلا أضعفت عليه العقوبة» أين هو من حكم الناس اليوم؟ إذا كان أحد من الأقارب يفعل الشيء يضعف عليه العقوبة؛ لماذا؟ لأنه أقاربه انتهكوا هذا الشيء من أجل

<<  <  ج: ص:  >  >>