لا يجوز أن يسأل غيره وهو كذلك؛ لأنه لو سأل غيره لكان متلاعبا، نعم لو أن إنسانا في قرية وليس عنده إلا طالب علم فسأله، ومن نيته أنه إذا تمكن من سؤال عالم أهل للفتوى سأله، فهنا نقول: لا بأس أن نستفتي هذا وتعمل بقوله، ثم إذا قدرت على عالم من أهل الفتوى فاستفته، ويكون هذا كالتراب يستعمل عند عدم الماء.
ومن فوائد هذا الحديث: أن للشيطان سلطة على بني آدم في ا'مالهم لقوله: "هو اختلاس يختلسه الشيطان".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشيطان لا يقدر على صلاة المؤمن فيأخذها هكذا مجابهة، ولكنه يختلسه اختلاسا؛ لأن المؤمن قلبه حاضر، ولا يمكن أن يأتي بمنقص لصلاته، لكن الشيطان قد يسلط عليه فيختلس منه.
ومن فوائد هذا الحديث: التحذير من الالتفات في الصلاة، ثم الالتفات نوعان: نوع التفات بالقلب، وهذا أشد وأخطر من الالتفات بالبدن؛ لأنه يضيع فائدة الصلاة، وقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسواس في الصلاة، فقال: إن ذلك شيطان يقال له خنزب، ثم أمر من أصابه ذلك أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الصحابي: ففعلت ذلك؛ فأذهب الله عني ما أجد.
وهل الالتفات بالقلب يبطل الصلاة؟ سبق القول في هذا، وأن العلماء اختلفوا فيما إذا غلب الوسواس على أكثر الصلاة هل تبطل الصلاة أو لا؟ ورجحنا أن ذلك لا يبطلها لكن ينقصها، أما الالتفات بالبدن فهو نوعان: التفات بالبدن كله وهذا مبطل للصلاة؛ حيث اشترط استقبال القبلة، أما إذا سقط استقبال القبلة فهذا شيء آخر، لكن حيث اشترط فإن الالتفات بجميع البدن يبطل الصلاة، وهذا يقع أحيانا نشاهده في المسجد الحرام إذا كان الناس متزاحمين تجد بعض الناس يقف في الصف والكعبة أمامه ثم تجده منحرفا من أجل أن يتسع المكان؛ لأن عرض الإنسان يأخذ مكانا أكثر مما إذا كان طولا؛ وعليه فيجب التنبه لهذا؛ لأن هؤلاء قريبون من الكعبة وفرضهم الاتجاه إلى عين الكعبة، أما لو كانوا بعيدين وفاتهم التوجه إلى الجهة كان أهون، أما الالتفات ببعض البدن كالالتفات بالعنق؛ فهذا لا يبطل الصلاة لكنه ينقصها إلا إذا كان هناك مصلحة أو حاجة، فإن كان هناك مصلحة أو حاجة فلا بأس، مثل الحاجة: ما أشرنا إليه قبل قليل من أن الإنسان إذا تسلط عليه الشيطان بالوساوس فإنه يلتفت ويتفل عن يساره وما تقتضيه المصلحة؛ كأن يشاهد المأموم من أجل أن يقتدي به، فإن الصحابة كانوا