في هذا الحديث فوائد منها: عظم شأن الصلاة، وأنها صلة بين العبد وبين ربه؛ لأنه يناجي الله وما أحلى المناجاة من الحبيب، فإن أحب شيء إلى الإنسان هو الله عز وجل، وإذا كان يناجيه فهذا قرة عينه؛ ولهذا كانت الصلاة قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم. وكان يقول لبلال:"أرحنا بها". وما أكثر الذين يقولون: أرحنا منها: وهي عندهم أثقل من الجبال، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من هؤلاء.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات الربوبية لله عز وجل، وهذا أمر في الحقيقة لا يحتاج إلى إثبات لأنه واضح.
ومن فوائده: النهي عن بصق الإنسان بين يديه إذا كان يصلي، لماذا؟ علل في أحاديث أخرى بأن الله تعالى قبل وجهه. فإذا كان الله قبل وجهه فهل من الأدب أن تبصق بين يديك والله تعالى قبل وجهك؟ لا، والله لو واحدا من عامة الناس كان قبل وجهك لاستحييت أن تبصق بين يديك، فكيف بالرب عز وجل، هذا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ قال بعض أهل العلم: إنه للكراهة، والصواب أنه للتحريم؛ لما فيه من سوء الأدب مع الله عز وجل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا كانت العلة باعثة على الامتثال؛ فإنه ينبغي أن تقدم على الحكم، وجهه: أنه اخبر بأنه يناجي الله ثم فرع عليه "لا يبصقن قبل وجهه"، فإذا كانت العلة مما يبعث على الامتثال فقدمها قبل الحكم ليرد الحكم على النفس وقد تهيأت لقبوله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينهى المصلي عن البصق عن يمينه، لكن ما العلة؟ العلة: أن عن يمينه ملكا، وهو الذي يكتب الحسنات، والبصق عن اليمين أهون من البصق قبل وجهه، ولذلك يتوقف الإنسان في كونه للتحريم بخلاف الأول.
فلو قال قائل: كيف تحكم على أنها للتحريم وبجملة أخرى على أنها للكراهة؟
قلنا: لا مانع من هذا، وليس فيه إلا أننا استعملنا المشترك في معنيين، المشترك النهي استعملناه مرة في الكراهة ومرة في التحريم لظهور الفرق بين قبح الفعلين؛ فإن البصق قبل وجه المصلي أشد - بلا شك- قبحا من البصق عن اليمين. إذا لم يبصق أمامه ولا عن يمينه، أين يبصق؟ بين الرسول - عليه الصلاة والسلام- ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا ذكر الممنوع فتح الباب الجائز،