وجهه: أنه قال: "ولكن عن شماله تحت قدمه"؛ ولهذا نظائر، وفي القرآن أيضا لما قال الله - تبارك وتعالى- {يأيها الذين ءامنوا لا تقولوا رعنا} قال: {وقولوا انظرنا [البقرة: ١٠٤]. ولما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول القائل: ما شاء الله وشئت، قال: بل ما شاء الله وحده، ولما جاءوه بالتمر الجيد الذي يأخذون الصاع منه بالصاعين والصاعين بالثلاثة نهاهم عن هذا، وقال لهم: بيعوا التمر الرديء بالدراهم، واشتروا بالدراهم تمرا طيبا، وهكذا ينبغي لطالب العلم إذا ذكر وجها ممنوعا أن يفتح الباب المباح، وما من وجه ممنوع إلا ويقابله المباح وهذا والحمد لله في كل شيء؛ لأنك إذا قلت: هذا حرام ولا يجوز ولم تفتح للناس بابا مباحا فالناس لابد أن يفعلوا ما كانوا يفعلونه فإذا ذكرت المباح عدلوا عن المحرم إلى المباح.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الحركة للحاجة لقوله: "ولكن عن شماله تحت قدمه" وهذه حركة بلا شك.
وهل يؤخذ من هذا الحديث تحريم بلغ النخامة؛ لأنه أبيحت الحركة في الصلاة من أجل درئها؟ ربما يؤخذ، والفقهاء - رحمهم الله- صرحوا بأن بلع النخامة حرام على الصائم وغير الصائم، وقالوا: إذا ابتلعها الصائم بعد أن وصلت على فمه أفطر، ولكن نقول بأنه يفطر فيه نظر، والقول بالتحريم ليس ببعيد؛ لأنها في الحقيقة مستقذرة؛ ولأنها قد لا تخلو من أمراض تعود إلى المعدة ثم تتسرب إلى البدن.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النخامة طاهرة، وجه ذلك: أنه قال: "تحت قدمه"، وإذا بصق تحت قدمه فلابد أن يلصق منها شيء في القدم، ولو كانت نجسة ما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يبصقها الإنسان تحت قدمه.
فإذا قال قائل: هل تقيسون على ذلك كل ما خرج من البدن؟
قلنا: نعم، الأصل أن كل ما خرج من البدن فهو طاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المؤمن لا ينجس". إلا ما دل الدليل على نجاسته مثل البول والغائط هذا نجس؛ لأن الدليل دل عليه، الدم أكثر العلماء على أنه نجس من الآدمي ولكنه يعفى عن يسيره، والصحيح أنه ليس