تعالى:{ياأيُّها الَّذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولى الأمر منكم}[النِّساء: ٥٩]. ومن المعلوم أن ما أمرنا به من طاعة ولاة الأمور ليس هو ما أمر به في الأصل؛ لأن ما أمر به في الأصل نحن مطيعون له سواء أمروا أم لم يأمروا، ولو قيل -كما قال بعض الناس-: إذا أمرونا بشيء لا نطيعهم؛ لأن هذا خلاف الشرع، إذن لماذا تطيعهم؟ قال: أطيعهم فيما أمر الله به إذا قالوا: صلِّ، قلت: سمعًا وطاعة، وإذا قالوا: زكَّ، قلت: سمعًا وطاعةً، وإذا قالوا: حجَّ سواء أمروك أم لم يأمروك، لكن لو قال: المسير من اليسار دائمًا أو من اليمين دائمًا، قال: لا {هو الَّذى جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا فى مناكبها}[الملك: ١٥]. أنا أمشي [في أي جهة] ماذا نقول؟ نقول: عصيت الله؛ لأن الله يقول:{أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولى الأمر منكم}[النِّساء: ٥٩]. إذا خالفوا الشرع مثل أن قالوا: اليوم لا تصلّ مع الجماعة؛ لأنه يوجد شغل هو شغل لا يحتاج لترك الجماعة ماذا نقول؟ لا سمع ولا طاعة.
على كل حال: نحن نقول: إن عمر نهى باعتباره حاكمًا لا مشرِّعًا؛ لأنه خليفة رضي الله عنه، ثم هو أيضًا أحد الخلفاء الذين أمرنا باتباعهم، قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"، وقال:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"، وقال -فيما ثبت في صحيح مسلم-: "إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا"، هذه مزية ليست لغيرهم.
"أمهات الأولاد" من هن؟ قال العلماء: أمُّ الولد من أتت من سيدها بما تبيّن فيه خلق الإنسان، يعني: السرية التي جامعها سيدها وحملت منه ووضعت ما تبين فيه خلق الإنسان، فإن وضعت كاملا حيًّا هذه أيضًا أمُّ ولد، فإذن هي التي أتت من سيدها تبين فيه خلق الإنسان، وأقل ما يتبين فيه خلق الإنسان أربعون يومًا لا تبين قبل هذا لقوله:"إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك -كم هذه؟ ثمانون يومًا- ثم يكون مضغة"، يتكامل مضغة عند تمام الأربعين وهو قبل أن يكون مضغة لا يمكن أن يتبين فيه خلق الإنسان، يعني: أن تتباين أعضاؤه، وإن كان يوجد في المضغة خطوط تدل على مكان