للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظام، يعني: يتكون شيئًا فشيئًا حتى يكون متميزًا، لكن المراد بخلق الإنسان الذي يتميز بحيث يرى الرأس واليد والرجل الأعضاء ترى كاملة هذا نقول: هي أمُّ ولد، فإن وضعت قبل ذلك فليست أم ولد.

يقول: "نهى عن بيع أمهات الأولاد"، والذي يبيعها هو سيدها لا يجوز أن يبيعها، قال: "لا تباع"، فسر النهي فقال: "لا تباع ولا توهب"، لو أننا رجعنا إلى قواعد اللغة العربية لوجدنا أن "لا تباع" ليس فيها نهي، لماذا؟ لأنها لو كانت "لا" ناهية لجزم الفعل ولو جزم الفعل لقيل: "لا تبع" لكنه نفي بمعنى النهي، "لا تباع ولا توهب"، "ولا تورث" هنا فسّر الشيء بما هو أعّم منه يقول: "نهى عن بيع أمهات الأولاد فقال: لا تباع"، فإن اقتصر على هذا لكان المفسّر مطابقًا للمفسّر، لكنه زاد قال: "ولا توهب"، والهبة: هي التبرع بالمال بلا عوض، يعني: ولا يعطيها أحدًا بلا عوض، "ولا تورث"، يعني: لا تنتقل بالموت إلى الورثة، ماذا تكون بعد الموت؟ قال: "إذا مات فهي حرة"، فيكون هذا السيد يستمتع بها في حياته كما يستمتع بالزوجة تمامًا؛ لأنها ملك يمين، فإذا مات فهي حرة حتى وإن لم يخلف غيرها، يعني: ليست كالمدبَّر تكون من الثلث هذه تكون من رأس المال، بمعنى: أنه لو لم يخلِّف غيرها لعتقت، مثال ذلك: رجل تسرّى بأمته ثم أتت منه بالولد ثم مات فتكون هي حرة، قال الورثة: لا يمكن أن تكون حرة؛ لأنه ليس له سواها، قلنا: بلى؛ لأن سبب العتق سابق على سبب الإرث وهو الإيلاد، سبب الإرث متأخر وهو الموت، فانعقاد سبب الحرية بها سابق على الموت، وحينئذٍ تعتق كلها، فإن لم يخلف سواها.

يقول: "رفعه بعض الرواة فوهم"، "رفعه"، يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجعله من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه واهم، والوهم هو أن يتخيل الإنسان الشيء على خلاف ما هو عليه فينطق به بلسانه أو يفعل بأركانه ما يقتضيه في ذلك الوصف هذا الوهم.

إذن حكم أمهات الأولاد على ما قاله عمر أنه لا ينقل فيها الملك لا ببيع ولا هبة ولا ميراث، مع أن الميراث ملك قهري، والحقيقة أننا ينبغي أن نقف على هذه الأمثلة: البيع عقد معاوضة اختياري، الهبة عقد تبرع اختياري، الميراث انتقال ملك قهري، فذكر الأشياء كلها، يعني: لا ينقل ملكها لا بمعاوضة ولا بتبرع ولا بملك صحيح.

من فوائد الحديث: جواز ذكر الإنسان والده باسمه العلم لقول ابن عمر: "نهى عمر"، وابن عمر رضي الله عنه من أشد الناس ورعًا قاله رضي الله عنه من تسمية أبيه باسمه فإنه صحيح، أي: أنه جائز ولا مانع منه، لكن كره بعض العلماء أن ينادى الإنسان أباه باسمه، يعني: لا تقول لأبيك إذا كان اسمه عبد العزيز، لا تقول: يا عبد العزيز، بل تقول: يا أبت، ولا على لغتنا القصيمية (يبت).

<<  <  ج: ص:  >  >>