للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: ما أفاده قوله: "شرط الله أوثق" وهو أن ما اشترطه الله تعالى في العقود من الأوصاف والمعاني فهو أوثق مما يشترطه غيره، يعني: أشد ثباتًا ومسكًا؛ لأنه مأخوذ من الوثاق الذي يوثق به البعير، فهو أوثق، يعني: أشد ثباتًا من الشروط التي يضعها غير الشرع، إذن فيؤخذ من هذا: أن كل شرط خالف الشرع فهو لا ثقة فيه، ولا أوثقية فيه بل الأوثقية كلها بما جاء به الشرع.

ومن فوائد الحديث: إثبات الولاء للمعتق لقوله: "وإنما الولاء لمن أعتق"، والولاء عصوبة تثبت للمعتق وعصبته المتعصبين بأنفسهم فقط دون المتعصبين بغيرهم أو مع غيرهم.

ومن فوائد الحديث: أن الولاء لا يتعدى المعتق وما تفرع منه، يستفاد هذا من الحصر من قوله: "إنما الولاء لمن أعتق"، كأنه قال: لا ولاء إلا لمن أعتق.

ومن فوائد الحديث: أن شرط الولاء لغير المعتق باطل، يؤخذ من قول الرسول: "ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"، حتى وإن أكد بتكرار الشرط فهو باطل.

ومن فوائد الحديث: جواز السجع، لكن بشرط ألا يكون متكلَّفا، فإن كان فيه تكلف فإنه لا يعد من البلاغة ولا من الفصاحة؛ لأن الخطيب أو المؤلف إذا تكلف السجع فلا بد أن يكون في الكلام خلل إما زيادات أو استعارات مستكرهة أو غير ذلك، لكن إذا جاء عبر الخاطر بدون تكلف أعطى الكلام رونقًا وجمالًا وقبولًا كما في الحديث،

فإن قال قائل: هل السجع محمود أو مذموم؟

قلنا: ينظر إلى موضوعه إذا كان المقصود به رد الحق فهو مذموم، ولهذا لما قام حمل بن النابغة الهذلي يريد أن يجادل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في حكمه في المرأتين اللتين اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بالدّية على عاقلتها، وقضى بغرة عبد أو وليدة دية للجنين، قام حمل بن النابغة فقال: يا رسول الله، كيف يغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل، سجع فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك من إخوان الكهان"، من أجل سجعه الذي سجع؛ لأن الكهان يزينون كلماتهم بهذه الأسجاع لأجل أن يكون لها رنين وقبول، فقال من أجل سجعه هل من أجل سجعه، يعني: من أجل أن سجع في كلامه أو من أجل مضمون كلامه؟ الثاني.

هذه الفوائد التي تيسرت من هذا الحديث الذي ساقه المؤلف رحمه الله من أجل أن يبين أن كل شرط خالف الشرع فهو باطل، إذا كان باطلًا فهل نقول للذي اشترطه لنفسه: لك الخيار لفوات ذلك عليك، يعني: لنفرض أن بائعًا شرط شرطًا فاسدًا لا يمكن الوفاء به، هل نقول: إن له

<<  <  ج: ص:  >  >>