هذه ثلاثة احتمالات, والقاعدة: أن النفي نفي للوجود, فإن لم يمكن فهو نفي للصحة, ونفي الصحة نفي لوجودها شرعًا, أو لوجود المنفي شرعًا, فإن لم يكن بأن دل الدليل على أن المنفي صحيح وجب أن يحمل على نفي الكمال, فهنا هل المراد أن الصلاة منفية وقوعًا بمعنى لا يمكن أن تقع؟ الجواب: لا؛ لأنه ربما يصلي الإنسان في هذا الوقت.
إذن هل هو نفي للصحة أو الكمال؟ نقول: المرتبة الثانية بعد نفي الوجود أن تكون نفيًا للصحة ولابد, فنقول: «لا صلاة»؛ أي: لا تصح, وليس نفيًا للكمال.
إذن يستفاد من هذا الحديث: أنه لا تصح الصلاة في هذين الوقتين: لا الفريضة ولا النافلة, لا المقضية ولا المؤداة, ولكن هذا الحديث مرادًا, أي: لا يراد العموم, فقد دلت السنة على استثناء أشياء من ذلك, منها: الفريضة, فالفريضة لا نهي عنها, فمتى ذكر الإنسان أن عليه فريضة صلاها ولو في هذين الوقتين.
مثال ذلك: رجل لما صلى الفجر تذكر أنه صلى العشاء بغير وضوء, فهنا يصلي العشاء قبل طلوع الشمس أو لا؟
يصليها حين ذكرها, دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها».
فإن قال قائل: هذا الحديث بينه وبين حديث أبي سعيد عموم وخصوص من وجه, فكيف رجحتم عموم حديث قضاء الصلاة, على عموم حديث النهي عن الصلاة في هذين الوقتين؟ فالجواب: أن قضاء الصلاة الواجبة واجب والأصل في الأمر «فليصلها إذا ذكرها» أنه على الفور, فيقتضي أن تصلى الفريضة من حين أن يعلم بها الإنسان, هذا واحد.
ثانيًا: حديث: «لا صلاة بعد الصبح» قد يستثنى منه أشياء بالنفي وبالإجماع, وقد ذكر العلماء أن العموم إذا خص فإن دلالته على العموم تكون ضعيفة, بل إن بعضهم يقول: إذا خص العموم فإن دلالته على العموم تبطل, لكن الراجح أنها لا تبطل, وأنه لا يخرج من العموم إلا ما استثني بالتخصيص, إذن يستثنى من ذلك قضاء الفريضة, لا يستثنى من ذلك إعادة الصلاة, يعني: إذا جاء إنسان بعد أن صلى الفجر, ودخل المسجد, وصلى الناس؛ فإنه يصلي معهم ولو كان بعد صلاة الفجر, دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الصبح