في مسجد الخيف رأى رجلين لم يصليا, فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا معنا؟ » قالا: يا رسول الله, صلينا في رحالنا, فقال: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة». فإنها - أي: الصلاتين - المعادة لكما نافلة, فصرح صلى الله عليه وسلم أنهما يصليان, وأنها نافلة, إذن إعادة الصلاة مستثناة.
يستثنى من ذلك سنة الظهر البعدية إذا جمعها مع العصر؛ لأنه لا يمكن أن يصليها بين الظهر والعصر؛ لأنهما مجموعتان, فيقضيها بعد صلاة العصر, كمريض يجمع بين صلاة الظهر والعصر, فيصلي الظهر, ثم يصلي العصر, ثم يصلي راتبة الظهر البعدية ليست القبلية, ولكن البعدية؛ لأنه لا يتمكن من صلاة الراتبة البعدية إلا بعد صلاة العصر.
يستثنى من ذلك أيضًا ركعتا الطواف, إذا طاف الإنسان بعد صلاة الصبح, أو بعد صلاة العصر, فإنه يصلي ركعتين خلف المقام لما سيأتي في «كتاب الحج»؛ ولأنهما تبع للطواف.
يستثنى من ذلك أيضًا ركعتا الطواف, إذا طاف الإنسان بعد صلاة الصبح, أو بعد صلاة العصر, فإنه يصلي ركعتين خلف المقام لما سيأتي في «كتاب الحج»؛ ولأنهما تبع للطواف.
يستثنى من ذلك أيضًا سنة الوضوء, فإنه إذا توضأ الإنسان بعد صلاة الصبح, أو بعد صلاة العصر, يجوز له أن يصلي سنة الوضوء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه؛ غفر له ما تقدم من ذنبه».
بناءً على هذه الأدلة نقول بالقول الثاني وهو رواية عن أحمد أنه يستثنى من هذا العموم الفرائض, وكل نافلة لها سبب, هذا هو القول الراجح, وهو رواية عن أحمد, واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن كل صلاة لها سبب فإنه يصليها في أوقات النهي, يدل لذلك أن في بعض ألفاظ أحاديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات أنه قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا تحروا الصلاة». فهو يدل على أن المراد من قصد الصلاة في هذه الأوقات, وأما من صلى لسبب فإنه لم يقصد الصلاة في هذه الأوقات, ويدل لذلك أيضًا أنه إذا كانت العلة هي الابتعاد عن مشابهة المشركين, فإن الصلاة ذات السبب تبعد قصد التشبه بالمشركين, وجهه: أنها مقرونة بسبب, فلها سبب ظاهر يجب مشروعيتها, فلا يكون هناك مشابهة للمشركين.
المهم: أن القول الراجح في هذا أنه يستثنى من هذا العموم الفرائض, وكل نافلة لها سبب.
من فوائد هذا الحديث: سد ذرائع الشرك وإن كانت بعيدة؛ لأن أصل الرسالة مبنية على