يقول المؤلف:"إن الراجح وقفه" فمعناه: أنه من قول علي رضي الله عنه. ولننظر هل هذا الحديث له حكم الرفع لأنه قول صحابي؟ إن كان لا مساغ للاجتهاد فيه فله حكم الرفع، وإن كان للاجتهاد فليس له حكم الرفع، بمعنى: هل العقل يتدخل في هذا الحكم أو لا يتدخل؟ يتدخل؛ إذ إنه يجوز أن يقيس الإنسان هذا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة"، فلا يكون له حكم الرفع، إذا لم يكن له حكم الرفع نرجع إلى قاعدة ثانية: هل قول الصحابي حجة؟ نقول: نعم مثل علي بن أبي طالب قوله حجة؛ لأنه من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم، لا سيما أن قوله هذا له ما يؤيده من القياس وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة"، وعلى هذا فيكون الحيوان المعد للعمل ليس فيه زكاة.
وهل نتبع بالحيوان المعدات كالسيارات والماكينات وشبهها؟ نعم، لأنه لا فرق كلها غير معدة للتجارة. وهل مثل ذلك العقار المعد للتأجير؟ الجواب: نعم مثلها؛ لأنه أعدَّ للبقاء مع الاستغلال، وكل ما أعد للبقاء مع الاستغلال فإنه ليس فيه زكاة إلا ما تقدم من الذهب والفضة لعموم الأدلة فيها، وبناء على هذا نقول: سيارات النقل لا زكاة فيها؛ لأنها كالبقر العوامل تمامًا، عقارات الإجارة لا زكاة فيها؛ لأنها كالبقر العوامل، الماكينات وشبهها لا زكاة فيها؛ لأنها تشبه هذا، فكل ما أعد للبقاء والانتفاع فلا زكاة فيه.
ومن فوائد هذا الحديث الأول حديث علي: أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة خطاب لجميع الأمة، وهذا باتفاق المسلمين إلا إذا دل الدليل على تخصيص ذلك الرجل بالحكم، تؤخذ هذه الفائدة من قوله:"إذا كانت لك" والخطاب لعلي، والحكم عند عامة العلماء لكل المسلمين، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي:"اغسل ذكرك وتوضأ"- في المذي- والحكم هنا عام لجميع الناس إلا إذا دل الدليل على تخصيص الرجل المخاطب بالحكم فيؤخذ بما دل عليه الدليل ويكون خاصًّا به، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم زوَّج رجلًا امرأة على أن يعلِّمها القرآن وقال:"لن يُجزئ عن أحد بعدك مهرًا". هذا خصه به، لكنه مر علينا أن هذا الحديث ضعيف؛ لأنه شاذ مُخالف لجميع الروايات الصحيحة، وهو قوله:"لن تجزئ عن أحد بعدك مهرًا"، ومنه حديث أبي بردة بن نيار قال له الرسول صلى الله عليه وسلم في العناق:"إنها لن تجزئ عن أحد بعدك". هذا خاص، فهل تُجزئ العناق- العنزة التي لها أربعة أشهر- عن أحد بعد أبي بردة؟ لا، وسبق لنا أن شيخ الإسلام رحمه الله يقول: إنه ليس في النصوص نص يخص شخصا بعينه لعينه، ولكن