فالجواب: بلى، لكنه خص بأمر من الشرع، وما أمر به الشرع فموقفنا نحوه أن نقول: سمعنا وأطعنا، أما أن نقيس ونجتهد نحن ونخص بعض الأيام الفاضلة أو الأماكن الفاضلة بعبادة لم يرد بها الشرع، فإن هذا من البدع.
ويستفاد من هذا الحديث: النهي عن إقامة أعياد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأننا خصصناه بعبادة لم يخص بها شرعًا، فيؤخذ من هذ النهي عن إقامة الأعياد بدون دليل شرعي.
ويستفاد من هذا الحديث أيضًا: النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصوم وهو ظاهر فيه.
ويستفاد منه: أنه لو صامه الإنسان لا للتخصيص، ولكنه رجل له عمل في أيام الأسبوع لا يستطيع الصوم في هذه الأيام لمشقته عليه وهو يجب أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام فكان يصوم يوم الجمعة؛ فهل يدخل في النهي؟ لا؛ لأنه لم يخص يوم الجمعة لأنه يوم الجمعة، ولكن لأنه يوم فراغه، فلو كان له فراغ في يوم الإثنين أو الثلاثاء لصام، وهذا يقع كثيرًا في القضاء، بعض الناس يكون عليه قضاء من رمضان فلا يحصل له فراغ إلا في يوم الجمعة، فنقول: لا بأس أن تصوم في يوم الجمعة.
يستفاد من هذا الحديث: أنه لو صادف يوم الجمعة يومًا كان يعتاد صومه، مثل أن يكون ممن يصوم يومًا ويفطر يومًا فصادف ذلك اليوم يوم الجمعة فلا بأس؛ لأنه إذا كان يصوم يومًا ويفطر يومًا سيفطر يوم الخميس ويوم السبت، فيكون يوم الجمعة يصادف أحيانًا هو اليوم الذي يصوم فيه، صام الجمعة وأفطر السبت، وصام الأحد وأفطر الإثنين، وصام الثلاثاء وأفطر الأربعاء، وصام الخميس وأفطر الجمعة، هذا في الأسبوع الثاني، في الأسبوع الذي بعده يكون بالعكس استثنى الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:"إلا في صوم كان يصومه أحد".
ويستفاد من هذا الحديث: أن للعادة تأثيرًا، وأنه يفرق بين الشيء المعتاد والشيء الذي يأتي صدفة؛ لأن الرسول قال:"إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"، فانظر الآن العادة كيف رفعت النهي عن صوم ذلك اليوم، كما أن العادة قد تكون بدعة في أمر يجوز فيه الشيء أحيانًا كالجماعة في النوافل إذا فعلت أحيانًا فلا بأس به؛ لحديث ابن عباس، وحذيفة، وابن مسعود في صلاة الليل حيث صلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم كل على انفراده في بعض الليالي، لكن لو أن أناسًا قالوا: سنقوم الليل جماعة كل ليلة قلنا لهم: هذا بدعة، أما أحيانًا فلا بأس، وبهذا يعرف أن الشرع يفرق بين الشيء الذي يتخذ عادة والشيء الذي لا يتخذ عادة، فهذا الرجل لما كان يعتاد صوم يوم الجمعة لسبب من الأسباب، لا لأنه يوم الجمعة رفع الشارع النهي عنه، ولهذا قال:"إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".
وهل يستفاد منه: أن النهي عن التخصيص على سبيل الكراهة؟ نعم، كيف ذلك؟ لأنه لو