كان محرمًا لم تؤثر فيه العادة، ولهذا لو صادف يوم عيد الأضحى اليوم الذي يصومه عادة فلا يصومه، فلما كان هذا تخصيص تبيحه العادة فإن النهي يكون فيه للكراهة، وعلم من هذا الحديث: أنه لو صام مع يوم الجمعة يومًا آخر فلا كراهة؛ لأنه لم يخصصه، ولكن هل يشترط أن يليه أو لا بأس، وإن كان في أي يوم من أيام الأسبوع؟ ننظر أولًا يقول:
٦٥٦ - وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصومنَّ أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده". متَّفقٌ عليه.
وفي حديث جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم وهي صائمة يوم الجمعة فقال:"أصمت يوم الخميس؟ " قالت: لا، قال:"تصومين غدًا؟ " قالت: لا، قال:"فأفطري"، وظاهر حديث أبي هريرة الذي معنا وحديث جويرية، أنه لابد أن يليه، وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إنه لا يشترط أن يليه، فلو صام يومًا واحدًا في الأسبوع لم يكن قد خصص يوم الجمعة؛ لأن التخصيص معناه: أن يفرد الشيء بالشيء كما نقول: خصصت فلانًا بالعطاء، يعني: ما أعطيت غيره، فمن صام يومًا من أيام الأسبوع معه فقد زالت الخصوصية، وعلى هذا فلو صام يوم الإثنين ويوم الجمعة فلا نهي، وقال بعض لعلماء: إنه لابد أن يليه إما قبله وإما بعده حتى يكونا يومين متواليين، ولا شك أنه إذا صام يومًا قبله يليه أو يومًا بعده فإن النهي مرتفع بلا شك، وأما إذا كان بينه وبينه يوم ففي النفس منه شيء، ولهذا تقول للإنسان: إذا صمت يوم الجمعة فصم يوم السبت، فإذا قال: أنا قد صمت يوم الإثنين، نقول: الأحوط أن تصوم يوم السبت اليوم الذي يلي يوم الجمعة.
يستفاد من هذا الحديث والذي قبله: أن يوم الجمعة لا يفرد بالصوم إلا في مسألتين: إذا كان عادة، وإذا صام يومًا قبله أو يومًا بعده.
ويستفاد من الحديث الثاني- حديث أبي هريرة-: أن الإفراد يزول بصوم يوم قبله أو يوم بعده.
ويستفاد من حديث جويرية: أن الإنسان إذا رفع الخلل الحاصل بالعمل زال المحظور؛ لأن جويرية كانت تريد أن تصوم يوم الجمعة فقط، لكن يمكن أن ترفع هذا الاختصاص بصوم يوم السبت فيزول المحظور.
بقي علينا يوم الأحد ويوم الأربعاء ويوم الخميس، ما حكم صيامها؟ نقول: الأصل